كيفَ السُّلوُّ وقلبي ليسَ ينساكِ - الأبيوردي

كيفَ السُّلوُّ وقلبي ليسَ ينساكِ
وَلا يَلَذُّ لِساني غيرَ ذِكراكِ

أشكُو الهَوى لترقِّي يا أُميْمَة ُ لِي
فطالما رَفِقَ المَشْكُوُّ بالشّاكِي

ولستُ أحسبُ منْ عمري وإنْ حسنتْ
أيَّامهُ بكِ إلاّ يومَ ألقاكِ

وما الحمى لكِ مغنى ً تنزلينَ بهِ
وَليسَ غيرَ فُؤادِ الصَّبِّ مَغْناكِ

يشقى ببعضيَ بعضي في هواكِ فما
للعينِ باكية ً والقلبُ يَهواكِ؟

إنْ يحكِ ثَغْرَكِ دَمْعِي حينَ أَسْفَحُهُ
فإنّني جُدتُ لِلْمَحْكِيِّ بِالحاكي

وَمِنْ عُقودِك ما أَبكي عليكِ بهِ
وهلْ عقودكِ إلاّ منْ ثناياكِ

ما كنتُ أعلمُ أنَّ الدُّرَّ مسكنهُ
يكونُ جيدكِ أوْ عينيَّ أو فاكِ

وَرُبَّ لَيْلٍ أَرانِي الفَجْرُ أَوَّلَهُ
بِحَيْثُ أَشْرَقَ لي فيهِ مُحَيَّاكِ

فَكادَ، وَالرُّعْبُ يَطوينا وَيَنْشُرُنا
يُحَدِّثُ الَحيَّ عَنْ مَسْراكِ رَيّاكِ

ثمَّ انصرفتِ فما ناجى خطاكِ ثرى ً
إلاّ تضوَّعَ مسكاً طابَ ممشاكِ

وأنتَ يا سعدُ تلحاني على جزعي
إذْ فاتني رشأٌ ضمَّتهُ أشراكي

وَالصَّبْحُ يَعْلَمُ ما أَبْكَى العُيونَ بِهِ
فَسَلْ مَباسِمَهُ عَنْ مَدْمَعِ الباكي