طَلَبْنا النّوالَ الغَمْرَ، وَالخَيرُ يُبْتَغى - الأبيوردي

طَلَبْنا النّوالَ الغَمْرَ، وَالخَيرُ يُبْتَغى
فلمْ نَرَ أنْدى مِنْكَ ظِلاًّ وَأَسْبَغا

وزرنا بني كعبٍ فخلنا وجوههمْ
شموساً نبتْ عنها النَّواظرُ بزَّغا

فأنتَ الحيا والجودُ يغبرُّ أفقهُ
وليثُ الشَّرى والبأسُ يحمرُّ في الوغى

وتسطو كما يعتنُّ في جريانهِ
أتيٌّ إذا ماردَّ ريعانهُ طغى

وَلَولاكَ لَمْ تَرْضَعْ غَوادِيَ مُزْنَة ٍ
خَمَائِلُ تَضْحي السُّحْبُ عَنْهُنَّ رُوغَّا

لكَ الرّاحَة ُ الوَطْفاءُ يُربي نَوالُها
على مطرٍ في صفحة ِ الأرضِ رسَّغا

وعزمة ُ ذي شبلينِ إنْ شمَّ مرغماً
أخاضَ النَّجيعَ الوردَ ناباً وأولغا

ونادٍ يغضُّ الطَّرفُ فيهِ مهابة ً
ولا ينقلُ العوراءُ عنهُ ولا اللَّغا

فلا الماحلُ الواشي يفوهُ بباطلٍ
لديهِ، ولا الإصغاءُ يدني المبلِّغا

يكادُ فَمُ الجَبّارِ يَرْشُفُ بُسْطَهُ
إذا الخَدُّ في أَطرافِهِنَّ تَمرَّغا

إذا ما مَخَضْتَ الرّأْيَ وَالخَطْبُ عاقِدٌ
نَواصِيَهُ بانَ الصَّريحُ مِنَ الرُّغا

تَشيمُ الظُّبا حَتّى إذا الحَرْبُ أُلْقِحَتْ
هَزَزْتَ حُساماً لِلجَماجِمِ مِفْدَغَا

غدا والرّدى تستنُّ في شفراتهِ
يَميرُ دَماً بالحائِنينَ تَبَيَّغا

فَما الرَّأيُ إِلاّ أَنْ يُضَرِّجَ غَرْبَهُ
بِهِ تَحْتَ أَذيالِ العَجاجِ وَيَصْبُغا

ولا عزَّ حتّى تتركُ القرنُ مرهقاً
حمتهُ العوالي أن يعيثَ وينزغا

فبكِّرْ عليهِ بالأراقمِ لسَّعاً
وأسرِ إليهِ بالعقاربِ لدَّغا

وَأَرْعِفْ شَباة َ الرُّمْحِ، فَالنَّصْرُ حائِمٌ
عليكَ إذا ما الطَّعنُ بالدَّمِ أوزغا

وكلّ امرئٍ جازى المسيءَ بفعلهِ
فلا حَزْمَهُ أَلْغَى ، ولا الدّينَ أَوْتَغَا

فِدى ً لكَ مَنْ يَطوي الهِجاءُ أديمَهُ
على حَلَمٍ إذْ لَمْ يَجِدْ فيهِ مَدْبَغا

وَقَدْ نَعَشَتْهُ ثَرْوَة ٌ غيرَ أَنَّهُ
أَعَدَّ بِها لِلذَّمِّ عِرْضاً مَمَشَّغا

فَإنَّ ازْدِيادَ المالِ مِنْ غَيْرِ نائِلٍ
يَشين الفَتى كَالسِّنِ لُزَّ بِهِ الشَّغا

إذا صيحَ بالأمجادِ أقمأَ شخصهُ
وَإِنْ زَأَرَ الضِّرغامُ في غابِهِ ثَغا

وإن هدرتْ يومَ الفخارِ شقاشقٌ
شحا فاهُ يستقري الكلامَ الممضَّغا

تلوبُ المنى من راحتيهِ على صرى ً
وتمتاحُ بحراً من يمينكَ أهيغا

وَشارِدَة ٍ يَطوي بِها الأرضَ بازِلٌ
إذا اضطربَ الأعناقُ من لغبٍ رغا

أَدارَ بِها الرّاوي كُؤوسَ مُدامَة ٍ
يَظَلُّ فَصيحُ القَوْمِ مِنْهُنَّ أَلْثَغا

وَدونَ قَوافيها كبا كُلُّ شاعِرٍ
إذا قيدَ كرهاً في أزمَّتها ضغا

فذلَّلتها حتّى تحلَّتْ بمنطقٍ
يردُّ على أعقابِ وحشيِّها اللُّغا

أَراكَ بِطَرفٍ ما زَوى عَنْكَ لَحْظَهُ
ولا افترَّ عن قلبٍ إلى غيركم صغى

بقيتَ ضجيعَ العزِّ في خضنٍ دولة ٍ
لَبِسْتَ بِها طَوْقَ الأَهِلَّة ِ مُفْرَغا