سَقى دارَها مِنْ مُنْحنى الأجْرَعِ الفَرْدِ - الأبيوردي

سَقى دارَها مِنْ مُنْحنى الأجْرَعِ الفَرْدِ
أَجَشُّ نَمومُ البَرْقِ مُرْتَجِزُ الرَّعْدِ

فَباتَ يُحَيِّي بِالحَيا عَرَصاتِها
إِذا حَدَرَتْ فيها النُّعامَى لِثامَها

فَلا زالَ يَكْسوها الرَّبيعُ وَشائِعاً
تَرِفُّ حَواشِيها على عَلَمَيْ نَجْدِ

وَيُفْعِمُ غُدْراناً كَأَنَّ يَدَ الصَّبا
تَجُرُّ عَلَيها رَفْرَفَ النَّثْرَة ِ السَّردِ

بِها تَسْحَبُ الأَرْماحَ فِهْرُ بنُ مالِكٍ
إذا ما شَحا الرّاعي ليَكْرَعَ في الوِرْدِ

وَتَدْفَعُ عنهُ كُلَّ أَشْوَسَ باسِلٍ
بِمَسْنونَة ٍ زَرْقٍ وَمَلْبونَة ٍ جُردِ

يَصوبُ بأَيْديهِمْ نَجيعٌ وَنائِلٌ
ولولا النَّدى لم تَسْتَنِرْ صَفْحَة ُ المَجْدِ

بكى حَضَنٌ إِذْ عُرِّيَتْ هَضْباتُهُ
مِنَ البَطَلِ الجَحجاحِ وَالفَرَسِ النَّهْدِ

وَفي الجيرَة ِ الغادينَ هَيْفاءُ غادَة ٌ
نَأَتْ ، لادَنا قُرْطٌ لِظَمْياءَ مِنْ عِقْدِ

إذا نَظَرَتْ أَغضى لَها الرِّيمُ طَرْفَهُ
وَإِنْ سَفَرَتْ أَخْفى سَنا البَدْرِ ما تُبْدي

خَليليَّ إنْ عَلَّلْتُماني فَعَرِّضا
بِها قَبْلَ تَصْريحِ الفُؤادِ عَنِ الوَجْدِ

فما هَتَّ عُلْويُّ الرِّياحِ، ولا بَدا
سَنا بارِقٍ، إلاّ طَربتُ إلى هِنْد

وقد كَمَنَتْ في القَلْبِ مِنَّي صَبابَة ٌ
إِليها ، كُمونَ النارِ في طَرَفِ الزِّنْدِ

أَأَنْقُضُ عَهْدَ المالِكِيَّة ِ بِاللِّوى
إِذاً لا رَعى العَلْياءَ إِنْ خُنْتُها عَهْدي

وَأَغدِرُ وَابنا خِنْدِفٍ يَهْتفانِ بي
وَيَلْمَعُ حَدُّ السَّيْفِ مِنْ خَلَلِ الغِمدِ

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فيَّ الوَفاءُ سَجِيَّة ً
دَعاني إليها الأَريَحيُّ أَبو سَعْدِ

فَتى ً يَفْتَري شَأْوَ المَعالي بِهِمَّة ٍ
تُناجي غِرارَ السَّيفِ في طَلَبِ الجَمْدِ

ومَا رَوْضَة ٌ حلَّ الرَّبيعُ نِظاقَها
وَجَرَّتْ بِها الأَنواءُ حاشِية َ البُردِ

إذا حَدَرَتْ فيها التُّعمامى لِثامَها
ثَنَى عِطْفَهُ الحَوْذانُ وَالْتَفَّ بِالرَّنْدِ

بِأَطْيَبَ نَشْراً مِنْ شَمائِلِهِ الّتي
تَنُمُّ بِرَيّاها على العَنْبَرِ الوَرْدِ

أَغَرُّ إذا هَزَّتْهُ نَغْمَة ُ مُعْتَفٍ
تَبَلجَ عَنْ أُكْرومَة ٍ وَنَدى ً عِدِّ

إليك زَجَرَتُ العِيسَ بينَ عِصابَة ٍ
كُهولٍ وَشُبَّان وَأَغْلِمَة ٍ مُرْدِ

تَخوضُ خُدارِيَّ الظَّلامِ بِأَوْجُهٍ
تُقايِضُ غَيَّ الدّاعِرِيَّة ِ بالرُّشْدِ

على كُلِّ فَتْلاءِ الذِّراعِ كَأَنَّها
مِنْ الضُّمْرِ شِلْوُ الأَصْبَحِيِّ مِنَ القِدِّ

تَرَكْنا وَراءَ الرَّمْلِ دارَ إِقامَة ٍ
مَلأتُ بِها كفَّيَّ مِنْ لَبَدِ الأُسْدِ

ولولاكَ لم تَخْطُرْ بِبالي قَصائِدٌ
هَوابِطُ في غَوْرٍ طَوالِعُ مِنْ نَجْدٍ

لَحِقْتُ بِها شَأْوَ المُجِيدينَ قَبْلَها
وَهَيْهاتَ أَنْ يُؤْتَى بِأَمْثالِها بَعْدي

فَهُنَّ عَذارى ، مَهْرُها الوُدُّ لا النَّدى
وما كُلُّ مَنْ يُعْزى إِلى الشِّعْرِ يَسْتَجْدي