سِلْكَانِ للدَّمْعِ مَحْلولٌ وَمَعْقُودُ - الواواء الدمشقي

سِلْكَانِ للدَّمْعِ مَحْلولٌ وَمَعْقُودُ
عَلَى الَّتي لَحْدُها في القَلْبِ مَلْحُودُ

ما سَوَّدَ الحزْنُ مُبْيَضَّ السُّرورِ بِها
إلاَّ وأَيَّامُ عُمْري بَعْدَها سُودُ

عَنَّتْ يَدُ الدَّمْعِ في خَدِّي عِنَانَ دَمٍ
كأنَّهُ مِنْ أَديمِ القَلْبِ مَقْدُودُ

ما استعبرَ الغيثُ إلاَّ عندَ عبرتهِ
فَخَدُّ وَجْهِ الثَّرَى لِلْغَيْثِ مَخْدُودُ

منْ لي برحمة ِ قلبٍ ليسَ يرحمني
كأنَّ نُقْصانَ وَجْدِي فيهِ تَزْييدُ

تُوَلِّدُ النارَ فيهِ ماءُ سَلْوَتِهِ
فاعجبْ لنارٍ لها في الماءِ توليدُ

كمْ بتُّ أرجمُ أعضائي بجمرِْ غضاً
وَالفجرُ في صفدِ الظلماءِ مصفودُ

نامتْ عيونُ عداتي إذ زفرتُ وَلي
من مَغْمَدِ الدَّمْعِ في عَيْنَيَّ تجريدُ

لَوْلاَ عَلاَئِقُ بَيْنٍ مِنْكِ تَعْلَقُ بِي
لقلتُ : إنَّ اقترابي منكِ تبعيدُ

وَلَيْتَ بَعْدَكِ تسويد البَياضِ فَلي
بالدَّمْعِ في صُحُفِ الأَحْزَانِ تَسْويدُ

فَلاَ صَفا كَدَرُ الدُّنْيا لِمُصْفِيَة ٍ
ما جاهدتْ فيكِ أنفاسي المجاهيدُ

إنْ أَزْمَعَتْ عنكِ صَبْراً أُبْدِلَتْ بِجَوى ً
مَعْدومُهُ بِكِ طُولَ الدَّهْرِ مَوْجُودُ

لازالَ خدي تريباً فوقَ تربتها
ما دارَ في خلدِ الأيامِ تخليدُ

جَبُنْتُ مِنْ عَسْكَرَيْ دَمْعِي فشجَّعَني
قلبٌ له في کنحِدارِ الدَّمْعِ تَصْعيدُ

متى يبالي ثرى ً أنْ لا يرى مطراً
فمسبلُ الدمع مني وهو مورودُ

هَا قَدْ تأَمَّلْتُ بالعُتْبى الَّتي سَلَفَتْ
أنْ لا يعاودني من بعدها عيدُ

وَدَّعْتُها وَبِنَحْرِي مِنْ مَدَامِعِها
نَحْرٌ وفي جيدِها مِنْ مَدْمَعِي جِيدُ

فبردتْ حرَّ أنفاسي على بردٍ
كأَنَّهُ مِنْ صَدِيدِ النَّفْسِ مَصْدُودُ

وکسْتُدْعِيَتْ فأَجَابَتْ بعد ما ظَهَرَتْ
في وجنة ِ الفجرِ قبلَ الصبحِ توريدث

وَصورتْ في مراة ِ الأفقِ صورتها
فَلِي إلَيْها بِرُسْلِ اللَّحْظِ تَرْدِيدُ

جَاهَدْتُ بالصَّبْرِ في إثْرِ العَزاءِ فَمَا
رَجَعْتُ إلاَّ وَصَبْرِي عَنْكِ مَفْقُودُ