عذيري من الدنيا وإن أظهرت وُدّاً - ابن شيخان السالمي

عذيري من الدنيا وإن أظهرت وُدّاً"
" فكم أعقبت همّاً وكم أضمرت حِقدا

تجلىّ على عين اللبيب جمالها"
" فيلحظها شزراً ويوسعها زهدا

تهافت هذا الناس حول حطامها"
" وما حصلوا إلا التأسف والكدّا

ومن سرَهَّ أن لا يرى ما يسوؤه"
" فلا يتخذْ شيئاً يخاف له فقدا

وكل لهم فيها صبابة عاشق"
" ومعشوقهم يفنى وعاشقهم يردى

يشيّعه محبوبُه نحو قبره"
" فيرجع عنه وهو يستبدل اللحدا

ومن أصبحت محبوبَه حَسَناتُه"
" فتؤنسه ميتاً وتلقى به الخلدا

ومن خاف مولاه وصدَّ عن الهوى"
" غدت طاعة المولى مَقرّاً له رغدا

وما نَفْعُ شيءٍ عَزّ أنتَ تضمه"
" إذا لم يكن لله تنفقه قصدا

فما عندنا يفنى وما عند ربنا"
" من العرف يبقى إذ نوجهه وَفدا

وليسَ الذي فاق الأنام بثروةٍ"
" وأصلٍ شريف كان أكرمَهم عدّا

ولكنه من يتّقِ الله ربَّه"
" وإن كان زنجياً فأكرمهم عبدا

وما فات من دنياهمُ لا يهمهم"
" إذا أثبت المولى لهم في التقى عهدا

رأوا زهرة الدنيا تزول بسرعة"
" فمالوا إلى الأبقى فطاب لهم وِردا

وفي أنفس الناس العداوة والقِلى"
" وقد قسّم المولى معيشتهم رِفدا

وأصل تقاليهم هو الحَسد الذي"
" غدا خمر الكِبرْ الذي يهلك العبدا

ومن ذا الذي أولاه مولاه نعمةً"
" فحوّلها عنه أخو حَسَد جدّا

لقد غرس الشيطان فيهم عداوة"
" وقد عَرَفوه أنه لهمُ أعدى

ألم يصرفوا عنهم عَداوتهم إلى"
" عداوته حتى يكونوا لهُ ضدَّا

وغاية مسعاه وأصلُ اجتهاده"
" غوايتهم كيلا يخوض اللَّظى فردا

لقد قدَّر الرحمن أرزاقَ خلقه"
" وحدَّ لأيٍّ شاء في رزقه حدَّا

وما دابّةٌ إلاَّ على الله رزقُها وخ"
" اب الذي من غيره يبتغي الرفدا

وكيف يُذِلّ المرء نفساً لِلُقمةٍ"
" يحاولها من مِثله يَبذل الجهدَا

ولو أخلصُوا حق التوكل صادفوا"
" بلا سبب رزقاً من الله ممتدّا

ولكن على الآلاتِ والخلقِ عوّلوا"
" فجاء لأجل الخلق رزقهم كدَّا

وخاتمةُ الأمر الخلاصُ فمن حَظِي"
" به منحةً يستوجب الفوز والحمدا