رفرفت بالنصر أعلام الرَشدْ - ابن شيخان السالمي

رفرفت بالنصر أعلام الرَشدْ"
" فهنيئاً للعُلا في ذي الجُدَدْ

قرَع الأقلامَ صدراً للعُلا"
" فغدا باليُمن مفتوحَ السُّدَد

دُرْ كذا يا دهر إن درت فقد"
" هزَّتِ الأفراحُ أعطاف البَلَدْ

ولهذا الدهر كَفّانِ فذي"
" تُكْمِد الأحشا وذي تُطفي الكمدْ

أيُّ قوم ثبتوا في جمعهم"
" غِبطةً إلاّ وقد راحُوا بَدَدْ

كيف يلتذ بملك الدهر من"
" هو والملكُ جميعاً يُفتقَدْ

إنَّ للدهر لألوانا فما أبي"
" ضَ في يومك يسودُّ بغَدْ

والفتى في تعب من دهره"
" من يعش يلقَ من الدهر النكدْ

غرّة الدنيا فلا يعرفها"
" صادق إلا الذي فيها زهدْ

إنَّ سجنَ المؤمن الدنيا وقد"
" خُلقَ الانسان منها في كَبَد

من يُرِدْ أوسعَ عيش صافياً"
" فعلى نهر رضا المولى يَرِدْ

ولَعمري إنما الرّبحِ لمن"
" ترك الفانيَ واستبقى الأبدْ

كلهُّم للرزق ذو كدح فذا"
" جاءه عفواً وهذاك بكَدّ

والذي في اللوح باقٍ والذي"
" قضتِ الأقدار حكمٌ لا يُردّ

وحظوظ الناس شتّى منهم"
" من إذا استيقظ للعَليا رَقَدْ

ومن الناس الذي قوّمه"
" حظه عوناً إذا الجسم قَعَدْ

إنما الحظ لمن لو شاء من"
" بِدَرِ الأنجُم دُرّاً لانتقَدْ

وكمال الحظ نادى إنني"
" لابن تركي خادمٌ أين اعتمدْ

ملك أبلجُ ميمون اللقا"
" عامر المنهج موصول المَدَدْ

ذو عطاً أطيب من قطر السَّما"
" وسُطاً أهيبُ من زأْر الأسَدْ

يا معاشَ الناس في نعمته"
" أنت مثلُ الروح والناسُ الجسَدْ

لم يزل فضلك صنفين فذا"
" غارَ في الأرض وهذا قد نَجَدْ

واستبحت المجد بالسبق لهُ"
" ويُباح الشيء لم تملكه يَدْ

خَطب المجد على منبره"
" لستُ أرضى غيرك اليوم أحَدْ

من بَني سلطان سادات الورى"
" فضلهُم عَمَّ الروابي والوِهَدْ

فهوَ الغيث إذا ضَنَّ الحيَا"
" وهو الملحُ إذا الدهر فسدْ

وَسِع الناسَ عطاءً وسُطا"
" فهو إن أوعد أوفى أو وعدْ

وَضع كلٍّ حَسَنٌ في بابه"
" وإذا خالف فهو المنتقَدْ

غير إنَّ الحلم موسوم به"
" وبه بين السلاطين انفردْ

ساسَ أمر الملك بالحِذق"
" وبالله قد دافع عنه كل ضِدّ

جردتْ خبرته سيفاً له"
" صارماً لم يتثلَّم منه حَدّ

ذلك الوالي سليمان الذي"
" دوّخ الأرض بَعدٍّ وعُددْ

جدَّ في الدولة فاجتاح المنى"
" وكذا من جدَّ في الشيء وَجَدْ

رُعبت منه شياطينُ القُرى"
" كابن داود الذي شَدَّ ومَدّ

في عُمانٍ لم يَدَع طائفةً"
" كابرتْ سلطانَها إلا وشَدّ

سحبت حْمِير أذيالَ العُلا"
" فغدت تمتدُّ في كل بلدْ

أسلفوا العِزّ وأعلوا هامَهُ"
" فحَوَوْهُ بطَريفٍ وتَلَدْ

ورِثوا أرديةَ العَلياء عن"
" كُبَراءٍ عن شديد عن أشدَ

ولقد كانوا ملوكاً بسَبا"
" وبصنعاءَ وطالوا في سَمَدْ

ثم حاز الملكَ نبهان الذي"
" حلَّ في ملك عُمان وعَقَدْ

نزلوا بالجبل الأخضر من"
" عِزّهم أمنعَ من بُرج الأسَدْ

جبلٌ ممتلئ الخير لهُ"
" شرف طار وللنجم صعدْ

كيف أهجو حِمْيراً وهي التي"
" حازت المجد بِجِدٍّ وبجَدّ

غيرَ أني ذاكِرٌ أسبابَ مَا"
" بذروا من حَبِهّمُ حتى انحصدْ

استطالوا يومهم أمناً ولم"
" يشكروا المولى على العيش الرَغَدْ

نشروا الظلم وبثوا جَورهم"
" في البرايا وتعدَّوا كل حَدّ

إن أتت قافلةٌ من بلد"
" نهبُوها كسراحين الجَرَدْ

تَجَرُوا بالحُرّ بيعاً والرِّبا"
" ولَبيعُ الحُرِّ مِن ذاكَ أشَدّ

كثر الجَورُ وقلَّ العدلُ من"
" أمراءٍ خرّبوا سُبْل الرَشَدْ

أفسدوا مذ فسدوا جهراً ولا"
" يَصلح الفرع إذا الأصل فسدْ

وإذا أُتْخِم بَطنُ المرء من"
" قلّةِ الأكل فمن ضَعف المِعَدْ

ما كفاهُم ما جرى حتى عَدَوْا"
" لحِمى من لا يكافوهُ بَردّ

إنني الكُفْءُ لأقراني ولا"
" قِبَلٌ لي بمعاداة الأسَدْ

وإذا كلفني حرباً ولا"
" ذنبَ لي لاقيته خِلْوَ الخَلَدْ

فدعاهم مَلِكُ العصر إلى"
" أن يؤدّوا ما عليهم قد وَكَدْ

لم يُرِد حربهم عمداً إذا"
" أذعنوا للحق واختاروا السَّدَدْ

فاستخفوا أمرهُ وامتلؤوا"
" أنَفَةً منهُ وكلٌّ قد جحدْ

هزَّهم بأسُ نزاري إذا"
" بردت نار الخصومات اتّقَدْ

غَرّهم عِزّهُم فاستكبرُوا"
" فكساهم بغيُهم ذلَّ الأبَدْ

لو أطاعوا عُلَماهُم ثبتوا"
" لكن السَّابقُ فيهم لا يُردّ

هل إلى العالم من مستمع"
" لا يُرى للعَالِم اليوم مَوَدّ

جرَّد السلطانُ فيهم صارماً"
" من سُليمان إذا هزَّ قصَدْ

جاء في عَبْس صناديد الورى"
" صُدُق النجدة أربابِ الجَلَدْ

قُطُب الحرب مغاليق البَلا"
" ومفاتيح الخبايا والسُّدَدْ

وضعوا الحربَ وشَبُّوا نارها"
" وبها بَرُّوا وودُّوا ما تَودّ

فإذا هاجت دعتهم وَلَداً"
" يا لَها والدة تدعو الوَلَدْ

هل لعبسٍ غير ذُبيان أخٌ"
" وبذبيان عُلا عَبْس صعدْ

والخليلي بعبس سابق"
" كالكُمَيت المتحدِّي في أسَدْ

كفُّهُ هامٍ وأمَّا سيفه"
" فهو ظامٍ يبتغي نهر الكَبدْ

فاستقلوا كبروق خَطِفت"
" أو كشُهْبِ الرجم تهوِي للرصَدْ

لبِسُوا لأمةَ صبرِ للبَلا"
" وبهم من محكم البأس زَرَدْ

علمُوا إنَّ النزار احتجبت"
" بأسُود لم يقاومها أحَدْ

إنَّ في حَدِّ ريام شوكةً"
" منهم اليومَ فإن تَنْبُ انخمدْ

فمضَوا كالطيرِ والوالي على"
" مُقْدِم الجيش كريبالٍ وردْ

فأتوا إزكي بَغياً شَمخت"
" سكن الجورُ عليها ووَلَدْ

وبها للملكِ الحصنُ به"
" ذلكَ الشهم سعود بن حمدْ

ورث السطوة والسؤدد من"
" جده بعد أبيهِ واتحدْ

فتعلَّوا في رواسيها ومَا"
" راعهم دفعٌ من الخصم الألَدّ

ضربَ اللهُ على ألبابهم"
" طابعَ الخِذلان إذ كلٌّ عَنَدْ

وسُليمان على جبهتها"
" شيَّد الأركان قهراً وَوطَدْ

مَلأ الملكيّ كبساً فغدَا"
" صدره ينفث بالضيق الثَمَدْ

شدهم حصراً فكم من بارز"
" غاله قتلاً ولم يخشَ القَوَدْ

ضيَّق الدُنيا عليهم ما أتوا"
" بلداً إلا قَرَاهم بالصَّفَدْ

مثل ما جنّب طيب العيش عن"
" داره ذاك الجنيبي فبعدْ

والنزار اليوم مذ ضاعت فشا"
" كلُّ ضعف في ريامٍ واطّردْ

وتنوف ربحت عيشتها"
" باهتدَا صاحبها الرأيَ الأسَدّ

صالحَ السلطانَ فاعْتَزّ وما"
" كاد يختلّ ومن كاد يُكَدْ

أخذ المنصوصَ بالرُشْد ومن"
" صادم المنصوص بالدعوى يُرَدّ

هدأت إزكي وشاعت خبَراً"
" وغدت نزوى كحُبلى بَولَدْ

أوقد الوالي بها نار الوغى"
" وبإزكي نار حرب تتّقدْ

قام للحرب بنزوى ذِمْرُها"
" ذلك الصنديد سيف بن حمدْ

بطل من شدة البأس فاستوى"
" ولها حكماً إلى الردّة ردّ

أيّدته عصبة الاسلام من"
" حكَمٍ أهل المعالي والرفَدْ

رُجَّح الألباب قُوَّاد الوغى"
" وضّح الأحساب ورّاد الشدد

عرفوا الحرب وأدّوا حقها"
" وقضوها مِلْءَ مكيالٍ ومُدّ

وبهم من أهل نزوى عصبة"
" تَرِد الموت إذا الموت وَرَدْ

قادهم سيف بماضٍ كاسمه"
" لا لَهُ عن أرؤس الخصم مردّ

حكَّم السيف عليهم عادلاً"
" وبحكم السيف تقويم الأوَدْ

واستماج الجيش بحراً زاخراً"
" وغدا يقذف بالنبل الزَبدْ

فتلقت سمد طُوفَانَه"
" برجال قابلتهم مِثل سَدّ

لهمُ كَرّاتُ صدقٍ في العِدَا"
" منهم قد أخذ الكرَّ الأسَدْ

وبهم حمدان محمود اللقا"
" من سُليمان ونبهانَ استمدّ

فالتقى الجمعَان ثم افترقا"
" إذ علا بينهُم بالصُّمع حَدّ

غيَّمت بالنَّفْع أرجاءُ الوغى"
" وهَمَى صوبُ الدِّما حتى وكدْ

فإذا برق الظُّبا لاح بدا"
" سائِق الصمع شديداً فَرعدْ

وغدت رمداءَ عينُ الشمس من"
" رَهَج الجيش وما فيها رمَدْ

كم مُجَلٍّ ومُصَلٍّ خرَّ في"
" معرك الصُّمْع صريعاً فسَجَدْ

فرأت حِمْيرُ أَنْ حلَّ القَضَا"
" فيهم مما جنوا والأمر جِدّ

فتخلّوا عن صَياصيهم ومن"
" غالبَ الغالبَ يُغلَبْ ويُرَدّ

وعلى البيتِ رأوا تسليطهم"
" راحةً بيتِ السّليط المستندْ

حَمِدَ البركة حمدان متى"
" سمدٌ زُفّت لسلطان البلدْ

نادتِ العلياءُ في ذروتها"
" بارك الله لِنزوى في سمدْ

ولسان الحال نادى بشِّروا"
" سمداً بالخير والعيشَ الرَغَدْ

ويَراعي طاب جرياً في الهَنا"
" قلْت أرِخّ فَتحها خير يُودّ

لم يزل دارسُها ضدَّ اسمه"
" من بِحار الله فيضاً مستمدَ

أيُّها السلطان شكراً للذي"
" خصَّك المولى وفي عمرك مَدّ

وهنيئاً لك بالفتح الذي"
" لم تزل تعتاده طولَ الأمَدْ

هل مَحَضْتَ الوُدّ فضلاً للذي"
" مَحَض الفِكر وحَلاّك الزُّبَدْ

عَتَبَ السلطان في صَمْتي ولم"
" أتفرّسْ لمدى هذا المَدَدْ

قلتُ سوقُ الشعراء كاسِدٌ"
" والأديب اليومَ ممضوض الكَبِدْ

يُخرج الجوهرَ من لُجَّتِه"
" وإذا ما سامهُ بيعاً كَسَدْ

وإذا لم يُبْدِه من لُجِّه"
" أجَّجت فكرتَه نارُ الكَمَدْ

وإذا ما تُليت آياته"
" محكماتٍ عَابَها من لا يُعَدّ

كل غَمر ليس يدري الفرق من"
" جلس العالم معنى وقعدْ

هل زمان من بني برمك أو"
" من بني حمدان فينا يُستردّ

يشرق الشعر إذا ما ذُكرت"
" حضرةُ الصاحب والملك العضُدْ

غير أنَّا نحمد الله على"
" زمن فيه ابن تركي قد وُجِدْ

أوسع السُّبْلَ وأفضى فضلَه"
" وهدى للشعر باباً لا يُسَدّ

حشر الكُهّان ذا الفتحُ وما"
" ساحر في الشِعر إلاَّ ووَرَدْ

وتلاقَوا زُمَراً في جمعهم"
" بين خُلاّس ونُفَّاث العُقَدْ

كلُّ ذي سحرٍ بيانُ لفظِه"
" يأخذ الفهم ويجتاح الخَلَدْ

ورمَوا من صنعهم أسبَابهَم"
" فسعت تمتد تَمتاح المَدَدْ

ثم ألقيتُ عصا شِعري فما"
" شاعر إلاَّ وطوعاً قد سجدْ

سيِّدي دوَنكَها مزفوفةً"
" ذات وجه من أديم الشمس قُدّ

لَبستْ بُرْدَ كمالٍ وانتهتْ"
" تبْتغي الأجرَ من المولى الصَّمَدْ