كُلُّ حَيٍّ يَموتُ إِلّا هَوانا - الياس أبو شبكة

كُلُّ حَيٍّ يَموتُ إِلّا هَوانا
أَعلى الأَرضِ مَن يُحِبُّ سِوانا

نَحنُ وَالناسُ نَملَاُ الأَرضَ حُبّاً
وَهُمُ يَملَأونَها نيرانا

يا حَبيبي غَرِّق جَبينَكَ في صَد
ري فَلَولاكَ ما مُلِئتُ حَنانا

لَم يَكُن لي سِوى حُنُوِّكَ حَتّى
قَبلَ أَن يَفرُضَ الهَوى لُقيانا

كُنتَ في وَحدَتي خَيالاً عَلى قَل
بي فَكَم مَرَّةٍ بَدا مَلآنا

وَعَلى مُقلَتَيَّ حُلماً لَذيذاً
حامِلاً مِن سَمائِهِ أَلحانا

كَم سَمِعتُ الفَضاءَ يَخفِقُ حَولي
أَتُرى كانَ يَلتَقي طَيفانا

كُنتَ بي قَبلَ أَن أَراكَ بِعَيني
فَدَمي كانَ يَرتَوي أَحيانا

يا حَبيبي إِلَيكَ حُلماً يَودُّ ال
طرفُ لَو يَرتَمي بِهِ يَقظانا

كُنتَ في هالَةٍ مِنَ النورِ لا يَح
صُرُ ذهنٌ مَكانَها وَالزَمانا

وَتَرَدَّت مِنَ الجَنوبِ رِياحٌ
زَحفَ العِطرُ خَلفَها وَلهانا

وَإِذا النورُ يَستَحيلُ أَديماً
ثُمَّ يَحيا فَيَستَحيلُ جِنانا

وَإِذا بي أَراكَ تَقطُفُ كَالفا
تِحِ مِن كُلِّ مَغرِسٍ رَيعانا

يَنبضُ الغُصنُ في يَدَيكَ رَجاءً
وَيُنَدّي عَلَيهِما إيمانا

قُلتَ يا لَيلَ ما عَلَينا إِذا النا
سُ تَجَنَّبوا فَالحُبُّ قَد أَعطانا

وَفَرَشتَ الجَنى الشَهِيَّ طَعاماً
أَمرَ الحُبُّ أَن يَكونَ فَكانا

قُلتَ لي نِعمَةُ الطَبيعَةِ يا لَي
لى أَعدَّت لِعُرسنا مِهرَجانا

بورِكَ الحُبُّ حينَ بارَكَ إِكلي
لاً عَلَينا أَحَلَّهُ قَلبانا

وَإِذا بِالنَباتِ يَستَنشِقُ الحُ
بَّ فَتَجري جُموعُهُ مجرانا

فَتَبوحُ الصَبا وَيَرتَعِشُ الوَر
دُ وَيَصحو مِنَ النَدى سَكرانا

وَعَبيرُ النِسرين يَنهَلُّ حُبّاً
في العَبيرِ المَنشورِ مِن نَجوانا

يا حَبيبي كَأَنَّ طَرفِيَ لَمّا
ذَهَبَ الحُلمُ لَم يَكُن وَسنانا

أَوَلَسنا في يَقظَةٍ تَخطُفُ الغِب
طَةُ فيها القُلوبَ وَالأَجفانا

أَوَلَم نَبنِ بِالمَحَبَّةِ وَالرَأ
فَةِ دُنيا أَعزَّ مِن دُنيانا

تَهدُمُ العالَمَ الَّذي يَهدُمُ الوِج
دانَ فينا وَتَرفَعُ الوِجدانا

هذِهِ النَبعَةُ الحَنونُ أَلَم تَع
كِس عَلَينا الظِلالَ وَالأَلوانا

تُفعِمِ النَفسَ مِن نَقاها يَنابي
عَ وَتَملأ أَعماقَها خُلجانا

أَسعَدُ الناسِ نَحنُ فَليَصفَحِ
الحُبُّ بِنا وَليَكُن لَهم غفرانا