حمد إلى السدة الشماء مرفوع - جبران خليل جبران

حمد إلى السدة الشماء مرفوع
بما يحق لها والحق مشروع

تلك الأريكة عين الله تكلؤها
فالخير فيها وعنها الشر مقموع

ممكن أصلها في عز منبتها
وفي السماء لها بالسعد تفريع

الشرق محتدها والغرب معهدها
والفخر في بندها الخفاق موسوع

سواسها أشرف الأسباط من قدم
بنو الحسين الملوك القادة الروع

للمجد مبتدع منهم ومتبع
وللمحامد محمول وموضوع

تداولوا الملك حتى نابه حدث
أصم خيل به للملك تضييع

فهب يحفظه عبد الحفيظ بما
أقره والفؤاد الثبت مخلوع

وراض دولته حتى استقر بها
والعرش في حصنه والحصن ممنوع

صينت به غزاة في الدجى انسربوا
إلى الحمى والسبيل البكر مفروع

فلم يرم زمنا أن رد غارتهم
والحكم ما شاءه والحق متبوع

والشعب مستيقظ من غفلة سلفت
والعلم مستقبل والجهل مدفوع

فالمغرب العربي اليوم منتعش
جذلان والمغرب الغربي مفجوع

نجا ملاذ خشينا من تصعضعه
وناب عن أمل الأعداء ترويع

فقد يضام قوي عز مطمعه
ولا يضام ضعيف فيه مطموع

كم صائد صاد ما يرديه مأكله
وصارع بات حقا وهو مصروع

بئس الفريسة عظم لا اهتياض له
يغري به الحتف ذئبا شفه الجوع

عبد الحفيظ حماك الله عش أبدا
وأمرك المرتضى والقول مسموع

وافت هديتك الجلى وآيتها
أن الفخار بما أهديت مشفوع

فما يحاكي جمال فضل نسبتها
ولا سذاجتها نقش وترصيع

إخالها إذ تعد العمر منتقصا
تزيده وبه للروح تمتيع

يد من الجود جاءت من أبريد
تحيي فإن عاقبت فالعذل ممنوع

يد ترد عداها أعينا نضبت
فإن تفض بنداها فهي ينبوع

يا حاميا للحمى والرأي حائطه
والسيف منصلت والرمح مشروع

ملكت منا نفوسا لست واليها
بصونك الملك أن يدهاه تصديع

لو يشترى صون ذاك الملك من خطر
لما بخلنا ولو أبناؤها بيعوا

ملك هو العربي الفذ ليس له
صنو وفيه شتيت الفخر مجموع

لعل أتباعه يرعون وحدته
فلا تنوعهم عنها التناويع

هذي منانا وفي تحقيقها لهم
سعد وفي تركها خسف وتفجيع

هم الكراة أباة الذم نكرمهم
عن أن يلم بهم ذم وتقريع

داموا ودام عليهم مجد سيدهم
عبد الحفيظ فما ضيموا ولا ريعوا