لَمْ تُطِيقِي بَعْدَ الأَلِيفِ الْبَقَاءَ - خليل مطران

لَمْ تُطِيقِي بَعْدَ الأَلِيفِ الْبَقَاءَ
وَكَرِهْتِ الْحَيَاةَ أَمْسَتْ شَقَاءَ

فَوَهَى قَلْبُكِ الْكَسِيرُ الْمُعَنَّى
وَتَعَجَّلْتِ لِلرَّحِيلِ الْقَضَاءَ

مَا الَّذِي يَفْعَلُ الدَّوَاءُ إِذَا لَمْ
يَبْقَ في الْجِسْمِ مَا يُعِينُ الدَّوَاءِ

خِيلَ أَنَّ الْوَفَاءَ أَكْدَى إلىَ أن
شَهِدَ النَّاسُ مِنْكِ هَذَا الْوَفَاءَ

كَمْ رَجَوْنَا لَكِ الشِّفَاءَ وَخَارَ اللَّ
هُ في غَيْرِ مَا رَجَوْنَا الشِّفَاءَ

هَكَذَا شَاءَ وَالْمَصِيرُ إِلَيْهِ
وَلَهُ الأَمْرُ فَلْيَكُنْ مَا شَاءَ

أسَفٌ أَنْ يُغَيِّبَ الْقَبْرُ رُوحاً
مَلَكِيّاً وَطَلْعَةً زَهْرَاءَ

أَيْنَ ذَاكَ الْبَهَاءُ يُجْرِي عَلَى مَا
حَوْلَهُ بَهْجَةً وَيُلْقِي بَهَاءَ

أَيْنَ ذَاكَ السَّخَاءُ يَكْفِي الْيَتَامَى
وَالأَيَامَى ويَنْصُرُ الضُّعَفَاءَ

أَيْنَ ذَاكَ الْحَيَاءُ عَنْ عِزَّةٍ لاَ
عَنْ تَعَالٍ وَحَيِّ ذَاك حَيَاءَ

عَرَفَتْهَا مَعَاهِدُ الْعِلْمِ وَالآدا
بِ وَالْبِرِّ لاَ تَمَلُّ عَطَاءَ

كَانَ صَدْرُ النَّدِيِّ يَهْتَزُّ تِيهاً
حِينَ تَحْتَلُّهُ وَيَزْهُو رُوَاءَ

أَفْضَلُ الأُمَّهَاتِ جَفَّ حَشَاهَا
مَنْ يُعَزِّي الْبَنَاتِ وَالأَبْنَأءَ

نَشَّأَتْهُنَّ صَالِحَاتٍ وَرَبَّتْهُمْ
كُرَمَاءً أَعَزَّةً نُجَبَاءَ

غَانِيَاتٍ فُقْنَ اللِّدَاتِ جَمَالاً
وَكَمَالاً وَرِقَّةً وَذَكَاءَ

وَشَبَاباً هُمْ نُخْبَةٌ في شَبَابِ الْعَصْ
رِ عِلْماً وَحِكْمَةً وَمضَاءَ

آلَ سَمْعَانَ إِنَّ رُزْءًا دَهَاكُمْ
تِلْوَ رُزْءٍ قَدْ هَوَّنَ الأَرْزَاءَ

لَمْ يَكُنْ بِالْكَثِيرِ لَوْ كَانَ تُجْدِي
أَنْ تَسِيلَ النُّفُوسُ فِيهِ بُكَاءَ

غَيْرَ أَنَّ الَّتِي إلىَ اللهِ آبَتْ
خَلَّفَتْ لِلْمُفْجَعِينَ عَزَاءَ

مَا تَوَلَّتْ عَنْكُمْ وَقَدْ تَرَكَتْ آ
ثَارَهَا النَّاطِقَاتِ وَالأَنْبَاءَ

ذِكْرَيَاتٍ تَهْدِي إلى الْخَيْرِ مَنْ ضَ
لَّ سَبِيلاً وَتَنْفَعُ الأَحْيَاءَ

شَيَّعَتْ مِصْرُ نَعْشَهَا بِاحْتِفَالٍ
قَلَّما شَيَّعَتْ بِهِ الْعُظَمَاءَ

وَقَضَتْ وَاجِبَ الْوَدَاعِ لِفَضْلٍ
لاَ يُسَامِي بِهِ الرِّجَالُ النِّسَاءَ

جَارَةَ الْخُلْدِ لَيْسَ في الْخُلْدِ نَأْيٌ
بَعْدَ أَنْ يُدْرِكَ الْمُحِبُّ اللِّقَاءَ

فُزْتِ مِنْهُ بِطَيِّبَاتِ الأَمَانِي
فَاغْنَمِيهَا مَثُوبَةً وَجَزَاءَ

إِنَّ في الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ لَسِرّاً
أَبَدِيّاً يُحَيِّرُ الْعُقَلاَءَ

نَحْنُ مِنْهُ في ظُلْمَةٍ تَتَدَجَّى
وَلَقَدْ جُزْتِهَا فَعَادَتْ ضِيَاءَ

فَدَحَ الْخَطْبُ يَا عَفِيفَةُ في هِجْ
رَانِكِ الأَقْرِبَاءَ وَالأًوْلِيَاءَ

فاعْذِرِي حُزْنَنَا فَإِنَّا عَلَى الأَرْ
ضِ وَطُوبَاكِ أَنْ بَلَغْتِ السَّمَاءَ