دَعَوْتُكَ أَسْتَشْفِي إِلَيْكَ فَوَافنِي - خليل مطران
دَعَوْتُكَ أَسْتَشْفِي إِلَيْكَ فَوَافنِي
عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مِنْكَ أَنَّكَ لِي آسِي
فَإِنْ تَرَنِي وَالحُزْنُ مِلْءُ جَوانِحِي
أُدَارِيهِ فَلْيَغْرُرْك بِشْرِى وَإِينَاسِي
وَكَمْ فِي فُؤَادِي مِنْ جِراحٍ ثَخِينَةٍ
يُحَجِّبُهَا بُرْدَايَ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ
إِلى عَيْنِ شَمْسٍ قدْ لَجَأْتُ وَحَاجَتِي
طَلاَقَةُ جَوٍّ لَمْ يُدَنَّسْ بِأَرْجَاسِ
أُسَرِّي هُمُومِي بِانْفِرَادِي آمِناً
مَكَايِدَ وَاشٍ أَوْ نمَائِمَ دَسَّاسِ
يَخَالُونَ أَنِّي فِي مَتاعٍ حِيَالَهَا
وَأَيُّ مَتَاعٍ فِي جِوَارٍ لِدِيمَاسِ
أَرَى رَوْضَةً لكِنْهَا رَوْضَةُ الرَّدَى
وَأُصْغِي وَمَا فِي مَسْمَعِي غيْرُ وَسْوَاسِ
وَأَنْظُرُ مَنْ حَوْلِي مُشَاةً وَرُكَّباً
عَلَى مُزْجَيَاتٍ مِنْ دُخَانٍ وَأَفْرَاسِ
كَأَنِّيَ فِي رُؤيْا يَزُفُّ الأَسَى بِهَا
طَوَائِفَ جِنّ فِي مَوَاكِبِ أَعْرَاسِ
وَمَا عَيْنُ شَمْسٍ غَيْرُ مَا ارْتَجَلَ النُّهَى
بِقَفْرِ جَدِيبٍ مِنْ مَبَانٍ وَأَغْرَاسِ
بَنَوْهَا فَأَعْلوْهَا وَمَا هُوَ غَيْرَ أَنْ
جَرَتْ أَحْرُفٌ مَرْسُومةٌ فَوْقَ قِرْطاسِ
بَدَتْ إِرَمْ ذَاتُ الْعِمَادِ كأَنَّهَا
مِنَ الْقاعِ شَدَّتْهَا النُّجُومُ بِأَمْرَاسِ
كَفَتْهَا لَيَالٍ نزْرَةٌ فَتَجَدَّدَتْ
ثوَابِتَ أَرْكَانٍ رَوَاسِخَ آسَاسِ
وَغَالَطَ فِيهَا الْبَعثُ مَا خَالط الْحِلَى
بِهَا مِنْ ضرُوبٍ مُحْدَثَاتٍ وَأَجْنَاسِ
هُنَاكَ أُبِيحُ الشَّجْوَ نَفْساً مَنِيعَةً
عَلَى الضَّيْمِ مَهْمَا يَفْلُلِ الضَّيْمُ مِنْ بَاسي
يَمُرُّ بِيَ الإخْوَانُ فِي خَطَرَاتِهِمْ
أُولَئِكَ عُوَّادِي وَلَيْسُوا بِجُلاَّسِي
أَهَشُّ إِلَيْهِمْ مَا أَهَشُّ تَلَطُّفاً
إِذَا لَمْ أُطِقْ صَبْراً فَأَطْلَقْتُ أَنْفَاسِي
ذَرُونِيَ وَانْجُوا مِنْ شَظايَا تُصِيبُكُمْ
إِذَا لَمْ أُطِقْ صَبْراً فَأَطْلَقْتُ أَنْفَاسِي
فَإِنِّي عَلَى مَا نَالَنِي مِنْ مَسَاءَةٍ
لأَرْحَمُ صَحْبِي أَنْ يُلِمَّ بِهِمْ بَاسِي
ذَرُونِيَ لاَ يَمْلِكْ وَجِيفِي قُلُوبَكُمْ
إِذَا مَرَّ ذَاكَ الطَّيْفُ وَادَّكَرَ النَّاسِي
فَتَاللهِ لَوْلاَ ذَلِكَ الطَّيِفُ وَالهَوَى
لَهُ مُسْعِدٌ لَمْ يَمْلِكِ الدَّهْرُ إِتْعَاسِي
ذَرُونِي أُحْسُ الخَمْرَ غَيْرَ مُنَفَّرٍ
عَنِ الْوِرْدِ مِنْهَا نِفْرَةَ الطَّائِرِ الحَاسِي
فرُبَّتَ كَاسٍ عَنْ شِفَاهِي رَدَدتُهَا
وَقَدْ قَتلَ الدَّمْعُ السَّلاَفَةَ فِي الْكاسِ
ذَرُونِي أُنكَّسْ هَامَتِي غَيْرَ مُتَّقٍ
مَلاَمَة رُوَّادٍ وَشُبْهَةَ جُوَّاسِ
فبِي حُرَّةٌ بِكْرٌ ضُلُوعِي سِيَاجُهَا
أَرَاشَ عَلَيْهَا سَهْمَهُ مُعْتَدٍ قَاسِ
أُعِيدُ إِلَيْها كُلَّ حِينٍ نَوَاظِرِي
وَأُخْفِضُ مِنْ عَطْفٍ عَلَى جُرْحِهَا رَاسِي
يَكَادُ يَبُث المَجْدُ مَا لاَ أَبُثهُ
مِنَ السَّقْمِ العَوَّادِ وَالسَّأَمِ الرَّاسِي
أَنَا الأَلَمْ السَّاجِي لِبُعْدِ مَزافِرِي
أَنا الأَمَلُ الدَّاجِيَ وَلَمْ يَخْبُ نِبْرَاسِي
أَنَا الأَسَدُ الْبَاكِي أَنَا جَبَلُ الأَسَى
أَنا الرَّمْسُ يَمْشِي دَامِياً فَوْقَ أَرْمَاسِ
فَيَا مُنْتَهَى حُبِّي إِلى مُنْتَهَى المُنَى
وَنعْمَةَ فِكْرِي فَوْقَ شِقْوَةِ إِحْسَاسِي
دَعَوْتُك أَسْتَشْفِي إِلَيْكَ فَوَافِنِي
عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ مِنْكَ أَنَّكَ لِي آسِي