يا دار أهلك بالسلامة عادوا - خليل مطران

يا دار أهلك بالسلامة عادوا
لا النفي أنساهم ولا الإبعاد

بشراك إن كان الذي أملته
والكائدون تميزوا أو كادوا

ذادوا جسوماً عن تحية ركبهم
هل عن تحيته النفوس تذاد

زارته قبل عيوننا آمالنا
وتقدمت أبدانها الأكباد

اليوم عيد في الكنانة كلها
هيهات تدك جاهه الأعياد

كاد الصفاء به يتم لأهلها
لو لم تشب ذاك الصفاء حداد

فلحكمةٍ يخشى الجبابر بأسها
ويخاف لفتة عدلها الحساد

ضدان جاءا في مقامٍ واحدٍ
لم تجتمع في مثله الأضداد

بالساعة البيضاء حين تبلجت
أذن المهيمن أن يلم سواد

تلك النهاية في تجلة أمةٍ
لملوكها ما أخلوا وأفادوا

مهما يكن فرح فليس ببالغ
فرح اللقاء وما به ميعاد

كيف اغتباط عشيرةٍ محضتهم
منها الولاء وما يظن معاد

ظلت على رعى الذمام مقيمةٍ
وتغير الآناء والآراد

لقلوبها أرب وحيدٌ شاملٌ
ومآرب الناس العداد عداد

والقوم إن صدقوا الهوى أيمانهم
فمرادهم أبد الأبيد مراد

أهلاً وسهلاً بالألى لهمو على
قربٍ وبعدٍ ذمةٌ ووداد

النازلين من السواد بحيث إن
فات العيون فللقلوب سواد

الشائقين نهى العباد وما رأى
منهم سوى الأثر الجميل عباد

لا بل رآهم كل راءٍ فضلهم
فما كسبوا أو أطعموا أو شادوا

من كل مفخرةٍ تعضد حسنهم
فيراه في تصويرها الأشهاد

الشمس في أوج السماء ورسمها
في الماء يدنيه السنى الوقاد

ولها بتعداد الأشعة في الندى
صورٌ يضيق بحصرها التعداد

في كل صنعٍ يجتلى صناعه
وبجودها تتمثل الأجواد

شرفت أم المحسنين مباءةً
هش النبات بها وبش جماد

ووازينت بك بعد أن خلفتها
وكأن زخرفها عليه رماد

فإذا نظرت فكم جديد حولها
تزهى به الأغوار والنجاد

النيل ضحاك إليك بوجهه
بشراً وقد يلفى شجاه بعاد

والروض مهديةٌ إليك سلامها
فتسمعي ما يحمل الإنشاد

البلبل المحكي يوقع لحنه
والطير مجمعةً تقول يعاد

أي الجزاء يفي بمالك من يد
بيضاء ليس يفي بها الأجماد

بل من طوالع للسعود بعثتها
في كل موقعٍ شقوةٍ ترتاد

أو من مفارخ في البلاد ثوابتٍ
أخلدتها ولمثلها الإخلاد

تبنين للوطن الرجال وإنما
هم في مدارس شدتها أولاد

ومن الرمال تصاغ أصلاد الصفا
وبهن تحمي الوادي الأطواد

للَه بين بني نوالك فتيةٌ
طلبوا الفنون فأتقنوا وأجادوا

زادوا كنوز الشرق من تحف بما
في الغرب قصر دونه الأنداد

وأتوا ضروباً من بدائع حذقهم
خلابةً لم يأتها الأجداد

فاليوم تجمل في فخار بلادهم
مستحدثات العصر والأبلاد

وسوى المدارس كم بيوت عبادةٍ
أسست حيث تشتت العباد

ومضايفٍ وملاجئٍ ومواصفٍ
تشفي بها الأرواح والأجساد

تلك الفضائل نولتك مكانةً
في الناس قبلك نالها أفراد

واستعبدت لك يا مليكة معشراً
حراً يشق عليك الاستعباد

يا خير منجيةٍ لأسنى من نمى
في النبعتين أعزةٌ أمجاد

للمالكين السائدين بنى الأولى
ملكوا زمام العالمين وسادوا

لو صوروا شخص الكمال لكنته
وبحسن فعلك حسنه مزداد

ما غبت عنا كيف غيبة من لنا
في كل مكرمةٍ بها استشهاد

ذكراك في أفواهنا يحلو لنا
تردادها إن أسأم الترداد

وحياض رفدك لم تشح ولم يزل
عنها كعهدك يصدر الوراد

عيشي طويلاً وابسطي الظل الذي
هو رحمةٌ ونزاهةٌ ورشاد

إني رفعت تهانئي وقبولها
هو من لدنك السعد والإسعاد

حررتها وسواد عيني يشتهي
لو كان منه للسطور مداد