يقولون لي ماذا قرأت لعلهم - أحمد محرم

يقولون لي ماذا قرأت لعلهم
يصيبون علماً عن بني الأرض شافيا

فأطرق حيناً ثم أرفع هامتي
أقص من الأبناء ما لست واعيا

أدير أحاديث السلام مبشراً
وأهذي بذكر النار والدم ناعيا

وكنت أظن العقل يهدي ذوي العمى
فما لي وعقلي لا نرى اليوم هاديا

لك الويل إن صدقت في الناس كاتباً
وأملت فيهم للحقيقة راويا

أرى صحفاً تزور من سوء ما بها
عن القوم تستحي العيون الروانيا

تخط بأقلامٍ كأن لعابها
لعاب الأفاعي تترك القرح داميا

تلوح فتصفر الوجوه وتنطوي
على الرعب أقوامٌ تخاف الدواهيا

إذا ما ترامت في البلاد تريدنا
كرها على طول الحنين التلاقيا

وإن أعوزتها في المطايا نجيبة ٌ
جعلنا مطاياها الرياح الذواريا

هي الحادثات السود أغرت بقومنا
أخلاء من كتابها وأعاديا

أراهم سواءً لا تفاوت بينهم
ولن تستبين العين ما كان خافيا

لنا من وجوه الأمر ما كان ظاهراً
وسبحان من يدري السرائر ماهيا

رأيت جناة الحرب لا يسأمونها
ولا يبتغون الدهر عنها تناهيا

يضجون أن ألوت بهم نكباتها
وهم جلبوا أسبابها والدواعيا

مطامع قومٍ لو يصيبون سلماً
لألقوا على السبع الطباق المراسيا

فراعين لا يرعون لله حرمة ً
ولا يعرفون الحق إلا دعاويا

رموا بشعوب الأرض في جوف مزبدٍ
من الدم يزجي الموت أحمر طاميا

أماناً ملوك النار فالأرض كلها
تناشدكم تلك العهود البواليا

أماناً حماة السلم لو أننا نرى
من المعشر الغازين للسلم حاميا

كفى ما أصاب الهالكين من الردى
وراع الثكالى والنفوس العوانيا

يخوفني عقبى الممالك أنني
أرى الحرب لا تزداد إلا تماديا

طوت حججاً سوداً كأن بطاءها
تقل الخطايا أو تجر الرواسبا

وما كنت أخشى أن أراهن أربعاً
فأصبحت أخشى أن يكن ثمانيا

كأن المنايا الحمر آلين حلفة ً
لغليوم لا يبقين في الناس باقيا

يلومونه أن زلزل الأرض بأسه
وأجرى دماً أقطارها والنواحيا

فهل زعموا أن لن تذوق نكاله
بما حملت أوزارهم والمعاصيا

رماهم فقالوا يا لها من إغارة ٍ
ويا لك جباراً على الأرض عاتيا

أطاعته أسباب المنية كلها
ولباه عزرائيل إذ قام داعيا

يسير على آثاره كلما انتحى
يسوق السرايا والكتائب غازيا

مضى ينظم الأقطار بالبأس فاتحاً
كنظمك إذ جد المراح القوافيا

أقمنا على أعدائنا الحرب نبتغي
شفاء الأذى لما مللنا التداويا

تقاضتهم البيض المآثير حقنا
وكنا زماناً لا نريد التقاضيا

إذا ما تغاضينا عن الحق هاجنا
لعثمان سيفٌ لا يحب التغاضيا

عصام الليالي ما تزال إذا طغت
نكف به أحداثها والعواديا

يرد عليها حلمها ووقارها
إذا ردها الإغضاء حمقى نوازيا

نعد لأيام الوغى الطرف أجرداً
ونذخر للقوم العدى السيف ماضيا

وجنداً له من صادق البأس معقلٌ
يخر له أعلى المعاقل جاثيا

إذا ما دجا ليل العجاج رأيته
يشق عن النصر العدى والدياجيا

سمونا إلى الهيجاء نلقى بها العدى
وتلقى بنا ساداتها والمواليا

سل الروس والأحلاف ماذا لقوا بها
وهل يملكون اليوم إلا التشاكيا

ونحن صدعنا جمعهم إذ تألبوا
يريدون ملكاً للخلائف عاليا

أهاب بهم داعي الغرور فأقبلوا
يمنون ضلال النفوس الأمانيا

ترامى بهم أسطولهم فانبرت له
بروجٌ تصب الموت أحمر قانيا

وأخرى كأفواه البراكين ترتمي
حثاث الخطى تعلو الذرى والروابيا

وجاشت بأعماق الغمار صواعقٌ
تذيع بها سراً من الحتف خافيا

ولاذت بأكناف الجزيرة منهمو
كتائب حلت من جهنم واديا

كذلك نقري كل ذي جبرية ٍ
يغير على ملك الخواقين عاديا

لعمرك إنا ما تزال جنودنا
تلبي إلى الحرب العوان المناديا

تسد فجاج الأرض تبتدر الوغى
وتزحم في الجو النسور الضواريا

مناقب ملء الدهر أربى عدادها
فقل لبني التاميز عدوا المخازيا