إنبعث في الأرض يا وحي السماء - أحمد محرم

إنبعث في الأرض يا وحي السماء
واسر يا نور الهدى ملء الفضاء

إنبعث كالروح يا روح الرجاء
واملأ الأكوان مثل الكهرباء

أنت معنى الخلق أو سر البقاء

يا حياة ليس عنها من محيد
للبرايا من شقي وسعيد

إملاي الدنيا وزيدي ثم زيدي
لا تخافي أن تزولي أو تبيدي

أنت أم الدهر أو أخت القضاء

أول ليس له من آخر
يرمق الدنيا بعيني ساخر

يترامى في عباب زاخر
من جلال عبقري فاخر

شامخ العرنين عالي الكبرياء

يا جلال الخلد في العز المقيم
أي ملك مثل ذا الملك العظيم

يتجلى في سلام ونعيم
من عطاء الله ذي الفضل العميم

وهو مولى كل فضل وعطاء

أنزل القرآن نورا وهدى
في بيان بالغ أقصى المدى

يتوالى الصوت منه والصدى
إن هذا الكون لم يخلق سدى

فاستفيقي يا ظنون الجهلاء

إستفيقي إنه صبح اليقين
جاء طلق الوجه وضاح الجبين

يتحدى الناس بالحق المبين
ويسوس الأمر من دنيا ودين

في نظام من سلام وإخاء

يطفئ الشر بأنفاس الجناة
تنضوي فيها جناياتا لحياة

فإذا القوم رفات في رفات
وإذا ما قدموا من سيئات

طار في آثارهم مثل الهباء

يا طبيب الداء يودي بالطبيب
ما لقومي منك في شك مريب

غاب لب الأمر عن علم اللبيب
يا عجيبا دونه كل عجيب

أين من سرك سر الكيمياء

صانع يحسن إنشاء النفوس
فهي في إشراقها مثل الشموس

وحكيم تنحني شم الرؤوس
تتلقى من عظات ودروس

ما وعى للمؤمنين الحكماء

وكل الله به من أهله
معشرا ضموا القوى في ظله

وبنوا بنيانهم من أجله
فجزاهم ربهم من فضله

صالح الأجر وموفور الجزاء

علموه الناس إذ مال الهوى
بزمان صد عنه فغوى

لو جرى الأمر عليه ما التوى
هل لأهل الأرض من هاد سوى

ما وعى الذكر من الآي الوضاء

يا رجال الله زيدوا الله نصرا
واعصفوا بالدهر إيمانا وصبرا

لا تلينوا إنها الأحداث تترى
والجهاد الحق بالأبطال أحرى

يا رجال الله سيروا باللواء

أنتم القواد خوضوا بالجنود
لجج الهيجاء من حمر وسود

نزهوا الإسلام عن دعوى الجمود
أفيدعى جامدا روح الوجود

هكذا تعمى قلوب الأغبياء

الكفاح اشتد والبأس احتدم
ربنا انصر قومنا في المزدحم

واجعل الإسلام مرفوع العلم
ربنا لا تحزنا بين الأمم

إنه المجد وإرث الأنبياء

كن لنا فالأمر أمر القادر
ما لشعب عاجز من ناصر

لا تدعنا مغنما للظافر
واستجبها دعوة من شاعر

يبتغي وجهك بين الشعراء

يرسل الشعر شعاعا ساريا
ودما في كل عرق جاريا

يرتوي منه نقيا صافيا
رب فاجعلني إماما هاديا

واهدني في المؤمنين الأصفياء