هل من فتى ً يَنشدُ قَلبى مَعى - محمود سامي البارودي

هل من فتى ً يَنشدُ قَلبى مَعى
بَيْنَ خُدُورِ الْعِينِ بِالأَجْرَعِ؟

كانَ مَعِى ، ثُمَّ دعاهُ الهوى َ
فَمَرَّ بِالْحَيِّ، ولم يَرْجعِ

فهل إذا ناديتُهُ باسمهِ
يُفِيقُ مِنْ سَكْرَتِهِ أَوْ يَعِي؟

هَيهاتَ يَلقى رَشداً بعدَ ما
أغواهُ لَحظُ الرشإ الأتلعِ

فيا دُموعَ القطرِ سِيلى دماً
وَيَا بَنَاتِ الأَيْكِ نُوحِي مَعِي

وَأَنْتِ يَا نَسْمَة َ وَادِي الْغَضَى
مُرِّي بِرَيَّاكِ عَلَى مَرْبَعِي

وَأَنْتِ يَا عُصْفُورَة َ الْمُنْحَنَى
بِاللَّهِ غَنِّي طَرَباً، وَاسْجَعِي

وَأَنْتِ يَا عَيْنُ إِذَا لَمْ تَفِي
بِذِمَّة ِ الدَّمْعِ، فَلاَ تَهْجَعِي

صَبَابَة ٌ أَغْرَتْ عَلَيَّ الأَسَى !
ودَلَّتِ السُهدَ على مَضجَعى !

ويْلاَهُ مِنْ نارِ الْهَوَى ! إِنَّهَا
لَوْلاَ دُمُوعِي أَحْرَقَتْ أَضْلُعِي

أبيتُ أرعَى النَجمَ فى سُدفة ٍ
ضلَّ بِها الصُبحُ ، فلَمْ يَطلُعِ

لاأهتدى فيها إلى حِيلة ٍ
تَقى حَياتى من يَدَى ْ مَصرَعى

طَوراً أُدارى لَوعَتى بِالمُنى
وَتَارَة ً يَغْلِبُنِي مَدْمَعِي

فهَل إلى الأشواقِ من غاية ٍ ؟
أم هل إلى الأوطانِ من مَرجع ِ؟

لا تأسَ يا قلبُ على ما مَضى
لابُدَّ لِلمحنَة ِ مِنْ مَقطَعِ