هُوَ ماقلتُ فاحذرَنها صباحا - محمود سامي البارودي

هُوَ ماقلتُ فاحذرَنها صباحا
غارَة ً تَمْلأُ الْفَضَاءَ رِمَاحَا

تترُكُ الماءَ لا يسوغُ لظامٍ
وتَرُدُّ الدَّمَ الْحَرَامَ مُباحَا

لا ترى بينها سِوى َ عبقرى ٍّ
يَأْلَفُ الطَّعْنَ نَجْدَة ً وَارْتِيَاحَا

لَهِجٌ بالحروبِ ، لا يألفُ الخفـ
ـضَ، ولا يَصْحَبُ الْفَتاة َ الرَّدَاحَا

مِسْعَرٌ لِلْوَغَى ، أَخُو غَدَوَاتٍ
تَجْعَلُ الأَرْضَ مَأْتَماً وصِيَاحَا

لا يُرَى عَاتِباً عَلَى شِيَمِ الدَّهْـ
رِ، ولا عابثاً ، ولا مزَّاحا

يَفْعَلُ الْفَعْلَة َ التِي تَبْهَرُ النَّا
سَ، وَتَرْنُو لَهَا الْعُيُونُ طِمَاحا

لا كَمَنْ يَسْأَلُ الْوُفُودَ عَنِ الأَنْـ
باءِ عَجزاً ، ويرقُبُ الأَشباحا

فاعتبِر أيها المجاهرُ بالقو
ل ، ولا تبعثنْ عليكَ نواحا

إِنَّ في بُرْدَتَيَّ هَاتَيْنِ لَيْثاً
يَقِصُ الْقِرْنَ، أَوْ يَفُلُّ السِّلاحَا

سدكاتٍ بالرمحِ منهُ بنانٌ
تَمْلأُ الأَرْضَ والسَّماءَ جرَاحَا

أنا من معشرٍ كرامٍ على الدهـ
ر أفادوهُ عزَّة ً وصلاحا

فرعوا بالقنا قِنانَ المعالى
وأعَدُّوا لِبَابِهَا مِفْتَاحَا

عَمَرُوا الأَرْضَ مُدَّة ً ثُمَّ زَالُوا
مثلما زالتِ القرونُ اجتياحا

وأتتْ بعدَهُمْ على َّ ليالٍ
لاأرى فى سمائها مِصباحا

فَسَقَاهُمْ مُنَزِّلُ الغَيْثِ سَجْلاً
يَجْعَلُ النَّبْتَ لِلْعَراءِ وِشَاحَا