يا نسيم الجنوب بالله بلغ - أبو الحسن الجرجاني

يا نسيم الجنوب بالله بلغ
ما يَقُولُ المتَيَّمُ المستَهامُ

قل لأحبابه فداكُم فُؤادٌ
ليس يَسلُو ومُقلةٌ لا تنامُ

بِنتُم فالسَّهادُ عندي مُقيمٌ
مذ نأيتُم والعَيشُ عِندي حِمَامُ

فعلى الكَرخِ فالقطيعةِ فالش
شَط فَبابِ الشَّعيرِ منِّي السَّلامُ

يا ديارَ السُّرورِ لا زالَ يبكي
بِكِ في مضحكِ الرِّياض غَمَامُ

رُبَّ عَيشٍ صَحبتُه فيك غَضٌّ
وجُفونُ الخُطوبِ عَنِّي نِيامُ

في ليالٍ كأنهنَّ أمانٌ
من زمانٍ كأنَّه أحلامُ

وكأن الأوقاتَ فيها كُؤُوسٌ
دائراتٌ وأنسُهنَّ مُدَامٌ

زَمَنٌ مسُعدٌ وإلفٌ وَصُولٌ
ومُنىً تستلذُّها الأوهامُ

كُلُّ أُنسٍ ولَذَّةٍ وسُرورٍ
بَعد ما بِنتُم عليَّ حرام

وَكَأَيِّن من مَعشَرٍ في أُنا
سٍ أخوهم فوقهمُ وهم كِرامُ

وَوَفاكَ وفد الشُّكرِ من كُلَّ وَجهَةٍ
ثناءٌ يُسَدَّى أو مَديحٌ يُنظَّمُ

يزفُّ إلى الأسماع كلَّ خريدةٍ
تكادُ إذا ما أُنشدَت تتبَسَّمُ

أطافت بها الأفكارُ حتى تركنها
يُقَالَ أأبياتٌ تَرَاها أو أنُجمُ

كفى الدهر علماً أن
شهادة أهل الدَّهرِ أنِّك منهُمُ

نُباهي بك اللأفلاكَ مجداً ورتبةً
فهنَّ بُروجٌ والمكارمُ أنجمُ

أرى الشمسَ قد ذرَّت ضياءً كأَنَّما
يَلوحُ عليها باسمك الفَردِ مَيسَمُ

تكاَملَ فيه الخلقُ والخُلقُ وانتمى
به الملكُ والبيتُ الأصيل المقدَّمُ

وغايةُ شكري أن أكلِّفَ خاطري
مُحَبَّرةً لا تُستطالُ فُتسأمُ

إذا أُنشِدتَ لم يبقَ عضوٌ لفاضلٍ
من الناسِ إلا وَدَّ لو أَنَّه فَمُ