أقدَمْ، كما قَدِمَ الرّبيعُ الباكرُ، - ابن زيدون

أقدَمْ، كما قَدِمَ الرّبيعُ الباكرُ،
واطْلُعْ، كما طَلعَ الصّباحُ الزّاهِرُ

قسماً، لقد وفّى المُنى ، ونفى الأسَى ،
مَنْ أقْدَمَ البُشرَى بِأنّكَ صَادِرُ

ليُسَرّ مُكْتَئِبٌ، وَيُغْفَى ساهِرٌ،
ويراحَ مرتقبٌ، ويوفيَ ناذرُ

قَفَلٌ وإبْلالٌ، عَقِيبَ مُطِيفَة ٍ
غشيَتْ، كمَا غشيَ السّبيلَ العابرُ

إنْ أعنَتَ الجسمَ المكرَّمَ وعكُها؛
فلَرُبّما وُعِكَ الهِزَبْرُ الخَادِرُ

ما كانَ إلاّ كانجلاء غيابة ٍ،
لبِسَ، الفِرِنْدَ بها، الحُسامُ الباترُ

فلتغْدُ ألسنة ُ الأنامِ، ودأبُهَا
شكرٌ، يجاذبُهُ الخطيبَ الشّاعرُ

إن كان أسعدَ، من وصولكَ، طالعٌ،
فكذاكَ أيمنَ، من قُفُولِكَ، طائرُ

أضْحَى الزّمانُ، نَهارُهُ كَافُورَة ٌ،
وَاللّيلُ مِسْكٌ، منْ خِلالِكَ، عاطرُ

قَد كانَ هجري الشّعرَ، قبلُ، صَريمة ً،
حَذَرِي، لذلكَ النّقدِ فيها، عاذِرُ

حتى إذا آنسْتُ أوْبَكَ بارئاً،
صفَتِ القريحة ُ واستنارَ الخاطرُ

عيٌّ، قلبْتَ إلى البلاغة ِ عيَّهُ؛
لولا تقاكَ لقلتُ: إنّكَ ساحرُ

لقّحتَ ذهني، فاجنِ غضّ ثمارِه؛
فالنّخلُ يحرزُ مجتناهُ الآبرُ

كم قد شكرْتُك، غبّ ذكرِك، فانتشَى
متذكّرٌ مني، وغرّدَ شاكرُ

يَا أيّهَا المَلِكُ، الّذِي عَلْياؤهُ
مثلٌ، تناقَلُهُ اللّيالي، سائرُ

يا منْ لبرْقِ البشرِ منهُ تهلّلٌ،
ما شِيمَ إلاّ انْهَلّ جُودٌ هَامِرُ

أنتَ ابنُ مَن مجدَ المُلوكَ، فإن يكُنْ
للمجْدِ عينٌ، فهوَ منْها ناظرُ

ملكٌ أغرُّ، ازدانَتِ الدّنيا بهِ،

أبْنَاكَ في ثبجِ المجرّة ِ قبّة ً؛
فَهَنَاكَ أنّكَ للنّجُومِ مُخاصِرُ

وَتَلَقّ، من سِيمَتك، صِدْقَ تَفاؤلي،
فهمَا المؤيَّدُ بالإلهِ الظّافرُ