واكَبِدا قدْ قُطِّعَتْ كَبِدي! - ابن عبد ربه

واكَبِدا قدْ قُطِّعَتْ كَبِدي!
وحَرَّقَتْهَا لواعِجُ الْكَمَدِ

ما ماتَ حَيٌّ لِمَيِّتٍ أَسَفاً
أَعْذَرَ مِنْ والِدٍ على وَلَدِ

يا رحمة َ اللهِ جاوري جدثاً
دفنتُ فيهِ حُشاشتي بيدي

ونوِّري ظلمة َ القبورِ على
مَنْ لَمْ يَصِلْ ظُلْمُهُ إلى أَحَدِ

مَنْ كانَ خِلْواً مِنْ كُلِّ بائِقَة ٍ
وَطَيِّبَ الرُّوحِ طاهِرَ الجَسَدِ

يا موتُ ، « يحيى » لقدْ ذهبتَ بهِ
ليسَ بزُمَّيلة ٍ ولا نكدِ

يا موتهُ لو أقلتَ عثرتَهُ
يا يَوْمَهُ لو تَرَكْتَهُ لِغَدِ!

يا موتُ لو لم تكُنْ تُعاجلهُ
لكان ، لا شكَّ ، بيضة َ البلدِ

أو كُنْتَ رَاخَيْتَ في العِنانِ لَهُ
حَازَ العُلا واحْتَوى على الأَمدِ

أَيَّ حُسَامٍ سَلبْتَ رَوْنَقَهُ
وَأَيَّ رُوحٍ سَلَلْتَ مِنْ جَسَدِ 

وَأَيَّ سَاقٍ قَطَعْتَ مِنْ قَدَمٍ
وأيُّ كفٍّ أزلتَ منْ عضُدِ ؟

يا قمراً أجحفَ الخسوفُ بهِ
قبلَ بلوغِ السَّواءِ في العدَدِ

أيُّ حشاً لمْ تذُبْ لهُ أسفاً
وَأَيُّ عَينٍ عَليْهِ لَمْ تَجُدِ 

لا صبرَ لي بعدَهُ ولا جلدٌ
فُجعتُ بالصَّبرِ فيهِ والجلدِ

لو لَمْ أَمُتْ عِنْدَ مَوْتِه كَمداً
لحُقَّ لي أنْ أموتَ منْ كمدي

يَا لَوْعَة ً مَا يَزَالُ لاعجُها
يَقْدَحُ نَارَ الأَسَى على كبِدِي