سلامٌ على منْ لم يحلّ بمهجتي - الهبل
سلامٌ على منْ لم يحلّ بمهجتي
سواهُ ولم يملكْ سواه قيادي ؛
ومن حبهُ راسٍ بقلبي ومن به
غرامي مهما عشتُ ؛ لا بسعادِ
ومن لم أزلُ مذْ غبتُ عنهُ مدلهاً
قرينَ صبابتِ حليفَ سهادِ .
أبيتُ سميراً للنجومِ كأنما
فراشي محشيُّ بشوكِ قتادِ ؛
عسى الله بعد البين يجمعُ شملنا
على رغم حسادٍ وغيظ أعادي ؛
وأشفي فؤادي يا حبيبي بنظرة ٍ
إليك فقد أضناه طول بعادي ؛
فأجاب عليّ بكتاب بسيط وفي طيه هذه القصيدة
ألمتْ ؛ فهاجتْ لوعة ً بفؤادي
وزادتْ غراماً أدمعي وسهادي ؛
بيوتٌ بها أقوتْ بيوتُ تجلدي
وقامَ اصطباري بالرحيل ينادي .
هي السحرُ أو كالسحرِ فعلاً ؛ فمذْ أتتْ
أقصضَ لشوقي مضجعي ووسادي ؛
تذكرني عهداً لنا ومنازلاً
سقاها من الوسميّ صوبَ عهادِ .
فأحللتها من ناظريّ ومهجتي
سويداء قلبي أو سوادَ سوادي .
فيا باعثاً لي الوجد في طيّ مهرقٍ
رويدك ما قلبي الشجي بجمادِ .
ويا مالكاً رقيّ بنعماه دائماً
فكم نعمٍ عندي لهُ وأيادي
أيادٍ لعمري أهملتْ ذكرَ حاتمٍ
و كعب الندى في طيءٍو إيادِ
ويا ماجداً أعطيته عهد صحبتي
وأصفيته في الغيبِ محضَ ودادي .
أتحسبُ أني بعدَ بعدكِ سالياً
يطيبُ معاشي أو يلذّ رقادي
أبى البينُ إلاّ أن أرى فيك لابساً
ليالي أحزاني ثيابَ حدادِ ؛
فغادٍ من الدمع الهتونِ ورائحٌ
وخافٍ من الشوقِ الشديد وبادي ؛
ولو أنني سافرتُ شرقاً ومغرباً ؛
لما كانَ إلاّ طيب ذكركَ زادي ؛
فراقكَ أشجاني وهدّ قوايَ ؛ لا
تغني هزاز أو ترنمُ حادي ؛
ولا الغادة ُ الهيفا لها بينَ شبهها
من المائسات الناعمات تهادي ؛
ولاَ الأهيفُ الفتانُ يعبث قده
وناظره الساجي بكلّ فؤادِ ؛
ولا القرقفُ الصهباء حثتْ كؤوسها
أكفُّ مهيً هيفِ الحضورِ خرادِ
أخي ونصيري في النوائب والذي
أناديه للأحداث حينَ أنادي
فدى ً لكَ أهلي الأقربون ومعشري
وما يبدي منْ طارفٍ وتلادِ
أتتني منْ تلقاء سوحك قطعة ٌ ؛
بنفسي سوحٌ قدْ حللتَ ونادي ؛
هيَ الروضُ بلْ أبهى منَ الروضِ بهجة ً ؛
إذا جادهُ أكفِّ غوادي
بعثتَ بها من سوحِ نعمة ِ خالقي ..
على حاضرٍ في العالمين وبادي .
عماد الهدى ربّ العلى هادي الورى
إلى خير منهاج وقولِ سداد .
أدام إلهُ العرش فينا ظلالهُ
وأبقاهُ للإسلام خيرَ عمادِ
وقد بعثَ العبد الجواب تجارياً ؛
وإن كانَ يكبو عنْ مداك جوادي ؛
فخذْ من جوابي النزر ما كان حاضراً
وأنتَ إذاً أندى ؛ لأنك بادي ؛
وعذراً ؛ فقد قابلتُ دركَ بالحصى
وساجلتُ بحراً زاخراً بثمادِ ؛
فأغضِ وسامحْ منعماً عن قبيح ما
بدا لكَ من عيبٍ به وفسادِ
فأنتَ الذي قدتَ القوافي طوائعاً
وغيرك لم تنقدْ لهُ بمقادِ ؛
وأنتَ الذي جليتَ في حلبة ِ العلى
على كلّ جحجاحٍ طويل نجادِ ؛
على أنني قد صرتُ بعدك أعجماً
وإن كنت أزرى لهجة ً بزياد
لدهرٍ رماني بالمصائب صرفه
وأضنى فؤادي خطبه المتمادي
أطالَ حروبي بالمضرات والأذى
ولا طول حربِ الحرث بن عباد
يحاولُ إهمالي وإسقاطَ رتبتي
ويسعى حثيثاً في خمود زنادي .
وثقل ديونٍ للورى يا بن ناصرِ
يراوحني همي بها ويغادي
ملأنَ فؤادي بالأسى وسلبنني
رقادي وملكنَ الرجال قيادي
فأصبحتُ رهناً في أزال لأجلها
وغير أزال بغيتي ومرادي ؛
وإن كان فيها منشأي وولادتي
ومسقط رأسي ؛ فهي غير بلادي ..
وما بلدي إلاّ الذي فيه أغتدي
وعرضي مصونٌ عن مقال أعادي ؛
بلادٌ بها لا أختشي الذلّ إن غدت
عليَّ لأحداثِ الزمان عوادي ؛
أأقعدُ في قومٍ أرى الشعر بينهمْ
يباعُ ببخسٍ ظاهرٍ وكسادِ
لنبهتهمْ بالمدحِ للجودِ والندى
وقد ملئتْ أجفانهم برقادِ .
وحركتهم بالشعرِ في كلِ ساعة ٍ
فتحسبني حركتُ صخرة َ وادي ؛
فلم ألقَ من نظم القريض سوى عناً
وشغلة أوقاتٍ وطول سهادِ
فلا كانتِ الأمداحُ من شافعٍ ؛ ولا
جرى قلمٌ في كتبها بمدادِ ..
أرومُ بها نيل السعادة ِ والغنى
وقد أشبهتْ نحساً ليالي عادِ ؛
وأوردُ فكري كلَّ بحرٍ غطمطمٍ
فيصدر حرانَ الجوانحِ صادي .
لعلَّ الليالي أن تمنَّ برحلة ٍ
إلى أصيدٍ رحب الفناء جوادِ ؛
من البدوِ تذكى للملمين ناره
ترى حوله منها جبالَ رمادِ
يفيضُ على العافينَ نائل كفهِ ؛
فمنْ إبلٍ مزمومة ٍ وجيادِ ؛
وما المرؤ إلاّ منْ يؤمله الورى
لقتل عداة ٍ أولبذلِ عتادِ ؛
وعش ما دعى للهِ داعٍ من الورى
وناداهُ للكرب العظيم منادي ؛
وأسأله من فضله جمعَ شملنا ..
وأنْ لا قضى ما بيننا ببعادِ .