أصْبَحَ حَبْلُ وَصْلِكُمُ رِمَامَا، - جرير

أصْبَحَ حَبْلُ وَصْلِكُمُ رِمَامَا،
وَمَا عَهْدٌ كَعَهْدِكِ، يا أُمَامَا

إذا سَفَرَتْ، فَمَسْفَرُهَا جَمِيلٌ،
و يرضى العينَ مرجعها اللثاما

ترى صديانَ مشرعة ً شفاءً
فجامَ وليسَ واردها وحاما

أمنيتِ المنى وخلبتِ حتى َّ
تَرَكْتِ ضَمِيرَ قَلْبي مُسْتَهَامَا

سقى الأدمى بمسبلة ِ الغوادي
وَسُلْمَانِينَ مُرْتَجِزاً رُكَامَا

سَمِعْتُ حَمَامَة ً طَرِبَتْ بِنَجْدٍ،
فما هجتَ العشية َّ يا حماما

مُطَوَّقَة ً، تَرَنَّمُ فَوْقَ غُصْنٍ،
إذا ما قلتُ مالَ بها استقاما

سقى اللهُ البشامَ وكلَّ أرضٍ
مِنَ الغَوْرَيْنِ أنْبَتَتِ البَشَامَا

كَأنّكَ لَمْ تَسِرْ بِجَنُوبِ قَوٍّ،
و لمْ تعرفْ بناظرة َ الخياما

عرفتُ منازلاً بجمادِ قوٍّ
فَأسْبَلْتُ الدّمُوعَ بِهَا سِجَامَا

وَلا أنْسَى ضَرِيّة َ وَالرِّجَامَا
وَقَدْ تَرَكَ الوَقُودُ بِهِنّ شَامَا

وقفتُ على َ الديارِ فذكرتني
عهوداً منْ جعادة َ أوْ قطاما

أظاعنة ٌ جعادة ُ لمْ تودعْ
أحبُّ الظاعنينَ ومنْ أقاما

فقلتُ لصحبتي وهمُ عجالٌ
بِذي بَقَرٍ: ألا عُوجُوا السّلامَا

صِلُوا كَنَفي الغَدَاة َ وَشَيّعُوني،
فانَّ عليكمُ منيَّ زماما

فَقَالوا: مَا تَعُوجُ بِنَا لِشَيء،
إذا لمْ تلقهمْ إلاَّ لماما

مِنَ الأُدَمَى أتَيْنَكَ مُنْعَلاتٍ
يُقَطِّعْنَ السّرَائِحَ، وَالخِدامَا

فليتَ العيسَ قدْ قطعتْ بركبٍ
و عالاً أوْ قطعنَ بنا صواما

كأنَّ حداتنا الزجلينَ هاجوا
بخبتٍ أو سماوتهِ نعاما

تخاطرُ بالأدلة أمُّ وحشٍ
إذا جَازُوا تَسُومُهُمُ الظِّلامَا

مخفقة ً تشابهُ حينَ يجري
حبابُ الماءِ وارتدتِ القتاما

تَرَى رَكْبَ الفَلاة ِ، إذا عَلَوْهَا،
على َ عجلٍ وسيرهمُ اقتحاما

إذا نَشَزَ المَخَارِمَ في ضُحَاها،
حَسِبْتَ رِعَانَهَا حُصُناً قِيَامَا

أبِيتُ اللّيْلَ أرْقُبُ كُلَّ نَجْمٍ،
مُكَابَدَة ً لِهَمّيَ وَاحْتِمَامَا

مشيتَ على َ العصا وحنونَ ظهري
و ودعتُ المواركَ والزماما

و كيفَ ولا أشدُّ حبالَ رحلٍ
أرُومُ إلى زِيارَتِكِ المَرَامَا

منَ العيديَّ في نسبِ المهاري
تُطِيرُ عَلى أخِشّتِهَا اللُّغَامَا

وَتَعْرِفُ عِتْقَهُنّ عَلى نُحُولٍ،
وَقَدْت لَحِقَتْ ثَمَائِلَهَا انْضِمَامَا

كَأنّ عَلى مَنَاخِرِهِنّ قُطْناً،
يطيرُ ويعتممنَ بهِ اعتماما

أمِيرُ المُؤمِنِينَ قَضَى بِعَدْلٍ،
أحَلَّ الحِلّ، وَاجْتَنَبَ الحَرَامَا

أتمَّ اللهُ نعتمهُ عليكمْ
وَزَادَ الله مُلْكَكُمُ تَمَامَا

و باركَ في مسيركم مسيراً
و باركَ في مقامكمُ مقاما

بِحَقّ المُسْتَجِيرِ يَخَافُ رَوْعاً،
إذا أمْسَى بِحَبْلِكَ أنْ يَنَامَا

فيا ربَّ البرية ِ أعطِ شكراً
وَعَافِيَة ً، وَأْبْقِ لَنَا هِشَامَا

و ثقنا بالنجاحِ إذا بلغنا
إمَامَ العَدْلِ وَالمَلِكَ الهُمَامَا

عطاءُ اللهِ ملككَ النصارى
وَمَنْ صَلّى لقِبْلَتِهِ، وصَامَا

تعافي السامعينَ إذا أطاعوا
و لكنَّ العصاة َ لقوا غراما

و كانَ أبوكَ قدْ علمتْ معدٌّ
يُفَرِّجُ عَنْهُمُ الكُرَبَ العِظَامَا

و قدْ وجدوكَ أكرمهمْ جدوداً
إذا نُسِبُوا، وَأثْبَتَهُمْ مَقَامَا

و تحرزُ حينَ تضربُ بالمعلى
منَ الحسبِ الكواهلَ والسناما

إلى المهديَّ نفزعُ إنْ فزعنا
وَنَسْتَسقي، بِغُرّتِهِ، الغَمَامَا

و ما جعلَ الكواكبَ أو سهيلاً
كَضَوْء البَدْرِ يَجْتَابُ الظّلامَا

و حبلُ اللهِ تعصمكمْ قواهُ
فلا تحشى لعروتهِ انفصاما

وَيَحْسَرُ مَنْ تَرَكْتَ فلَم تُكَلِّمْ،
وَيغْبَطُ مَنْ تُرَاجِعُهُ الكَلامَا

رضينا بالخليفة ِ حينَ كنا
لهُ تبعاً وكانَ لنا إماما

تباشرتِ البلادُ لكمْ بحكمٍ
أقامَ لنا الفرائضَ واستقاما

و ريشي منكمُ وهوايَ فيكمْ
وَإنْ كَانَتْ زِيَارَتُكُمْ لِمَامَا

و قيتَ الحتفَ منْ عرضِ المنايا
و لقيتَ التحية َ والسلاما

لَقَدْ عَلِمَ البَرِيّة ِ، مِنْ قُرَيْشٍ
و منْ قيسٍ مضاربهُ الكراما

نمماكَ الحارثانِ وعبدُ شمسٍ
إلى العَلْيَا، فَعِزُّكَ لَنْ يُرَامَا

سيوفُ الخالدينَ صدعنَ بيضاً
عَلى الأعْداء في لَجِبٍ وَهَامَا

وَسَيْفُ بَني المُغِيَرة ِ لَمْ يُقَصِّرْ؛
سيوفُ اللهِ دوختِ الأناما

رَأيْتُ المَنْجَنِيقَ، إذَا أصَابَتْ
بِنَاءَ الكُفْرِ، هَدّمَتِ الرُّخَامَا