النَّجمُ أقربُ منْ مداكَ منالا - ابن حيوس

النَّجمُ أقربُ منْ مداكَ منالا
فعلامَ يسعى طالبوهُ ضلالا

مَافِي البَرِيَّة ِ مَنْ يُسَاجِلُكَ الْعُلى
فتباركَ المعطيكها وتعالى

أينَ الألى قصروا خطى ً في طرقها
مِمَّنْ غَدَتْ خُطُواتُهُ أَمْيالا

يَا مَانِعَ الْمُلْكِ الْعَقِيمِ وَحاسِمَ آلـ
دَّاءِ العقامِ سياسة ً ونصالا

ما يمتطي العزَّ الَّذي أمطتكهُ الـ
ـعَزَمَاتُ مَنْ لاَ يَرْكَبُ الْأَهْوَالا

منْ عافَ ماءَ العيشِ وهوَ مكدَّرٌ
عِنْدَ الْكَرَائِهِ لَمْ يَرِدْهُ زُلاَلا

تضحي سيوفكَ للبلادِ مفاتحاً
فإذا فتحتَ جعلتها أقفالا

وَقَدِ اكْتَسَتْ حَلَبٌ بِك الْعِزَّ الَّذِي
ما ذَلَّ مَنْ يُضْحِي لَهُ سِرْبالا

كانتْ لأرماحِ الخطوبِ دريئة ً
فَجَعَلْتَ جُنَّتَها ظُبى ً وَإِلاَلا

وأبيتَ أنْ تبقى العيونُ سواهراً
حَذَرَ النَّوَائِبِ وَالْقُلُوبُ وِجَالا

فانتابها أهلُ البلادِ وطالما
قدْ رامَ عنها أهلها التَّرحالا

أعطى الرَّعيَّة َ منْ رعايتهِ المنى
مَنْ مُذْ حَمى لَمْ يَعْرِفِ الْإِهْمَالا

أجرى الورى إنْ صالَ بلْ أعلاهمُ
إنْ طالَ بلْ أوفاهمُ إنْ قالا

بمضائهِ وقضائهِ وعطائهِ
أمنوا الرَّدى والجورَ والإمحالا

كمْ رمتَ في الغدواتِ أبعدَ غاية ٍ
فَوَصَلْتَ قَبْلَ وُصُولِكَ الْآصالا

وَمِنَ الْعَجائِبِ أَنْ يَخِفَّ مُصَمِّماً
منْ كانَ مثلكَ يحملُ الأثقالا

ضاقتْ مسالكُ ما أتيتَ فلمْ يجدْ
في ضنكها أحدٌ سواكَ مجالا

وأهنتَ مالكَ غيرَ ما متكلِّفٍ
ما عزَّ إلاَّ منْ أهانَ المالا

ونبذتَ آراءَ الأنامِ وطالما
عاصيتَ في طلبِ العلى العذَّالا

إنْ شئتَ تعرفُ أنَّ رأيكَ ثاقبٌ
لا ما رأوا فانظرْ إلى ما آلا

وَإِذَا هَمَمْتَ فَخُذْ بِعَزْمِكَ إِنَّهُ
قَمِنٌ بِما تَهوى وَخَلِّ الْفالا

وَاسْتَخْدِمِ السَّيْفَ الَّذِي ما فُلَّ فِي الْـ
هَيْجَاءِ وَالرَّأْيَ الَّذِي ما فالا

لَنْ يَتْرُكَ الْخَصْمَ الْأَلَدَّ مُجَدَّلاً
إِلاَّ امْرُؤٌ جَعَلَ الضِّرابَ جِدَالا

وَالْحَرْبُ ما بَرِحَتْ سِجالاً فِي الْوَغى
مدداً فغودرتِ الحقوقُ قتالا

فَكَتَبْتَ إِسْجالاً عَلَى قِمَمِ الْعِدى
بِشَبا الظُّبى أَلاَّ تَكُونَ سِجالا

فلذاكَ ما ينفكُّ ملككَ ظافراً
يَحْمِي حِماهُ وَيَقْتُلُ الْأَقْيالا

وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ قِدْحَكَ فائِزٌ
لاَشَكَّ مُذْ أَرْسَلْتَها إِرْسالا

موسومة ً بالنَّصرِ لمْ ترَ قبلها
عينٌ رئالاً يحتملنَ رجالا

نَضَتِ الْأَجِلَّة َ وَالبَرَاقِعَ وَاكْتَسَتْ
مِمَّا تُثِيرُ بَرَاقِعاً وَجِلالاً

خَلَقَتْ جِبالاً فِي الْهَوَاءِ شَوَارِعاً
ظلَّتْ تظلُّ منَ الجيوشِ جبالا

يقتادُها مرضيكَ عندَ السِّلمِ قوَّ
الاً وَفِي يَوْمِ الْوَغى فَعّالا

ومعظَّمٌ مذْ حلَّ منكَ محلَّة ً
ما طاوَلَ الْأَمْجادَ إِلاَّ طالا

ومتى يجارى رافعٌ منْ بعدما
سَرْبَلْتَهُ الْإِعْظامَ وَالْإِجْلالا

أجنيتهُ ثمرَ النَّصيحة ِ أنعماً
قدْ عاقتِ الإحسانَ والإجمالا

فَوَجَدْتَ عَيْنَ الدَّوْلَة ِ الْعَضْبَ الَّذي
ضَرَبَ الْأَنامُ بِجِدِّهِ الْأَمْثالا

سيفٌ عديٌّ أصلهُ لا ينتضى
للدَّاءِ إلاَّ أنْ يكونَ عضالا

وَالْفَخْرُ فِيمَنْ عَدَّدَ الْحَسَناتِ لاَ
منْ عدَّدَ الأعمامَ والأخوالا

فلتعلُ ما شاءتْ جنابٌ بعدما
وَجَدُوا جَنَابَكَ مَوْئِلاً وَمآلا

سَحَبُوا ذُيُولَ العِزِّ مُذْ سَحَبُوا إِلى
أَعْدَاءِ دَوْلَتِكَ الْقَنا الْعَسَّالا

ولقدْ أبحتَ بني كلابٍ مورداً
رأتِ المواردَ عندهُ أوشالا

حَسُنَتْ إِنابَتُهُمْ فَشامُوا وَابِلاً
منْ جودِ منْ بالأمسِ كانَ وبالا

إِنْ كَذَّبَ الْأَطْماعَ بَأْسُكَ فِي الْوَغى
فَنَدى يَدَيْكَ يُصَدِّقُ الْآمالا

ما زَالَ يَرْجِعُ مَنْ تَرَحَّلَ غانِماً
حَتَّى تَوَهَّمْتُ النُّزُولَ نِزَالا

واليومَ قدْ ألقوا إليكَ عصيَّهمْ
لا زالَ ربعكَ للرَّجاءِ عقالا

خابَ الَّذِي يَبْغِي بِساحَتِكَ الْغِنى
قَسْراً وَفازَ الْمُبتَغِيهِ سُؤَالا

ورأتْ نميرٌ أنَّ سخطكَ عارضٌ
إِنْ لَمْ يُدَاوُوهُ بِعَفْوِكَ غالا

فَأَتَوْا لِحَسْمِ الْعارِضِ الْقَتَّالِ مَنْ
يعرو فكنتَ العارضَ الهطَّالا

أَرْدَتْ صَوَاعِقُهُ فَلَمَّا أَذْعَنُوا
وَالى مَوَاطِرَهُ عَلَى مَنْ وَالا

ما قَدْ أَنَلْتَ مُطاعِناً وَعَطِيَّة ً
يدني شبيباً رغبة ً وثمالا

فليدنوا يجدا المقيلَ موسَّعاً
بجميلِ رأيكَ والعثارَ مقالا

رَاجٍ أَحالَتْهُ الظُّنُونُ عَلَى سِوى
نعماكَ ظلَّ على المحالِ محالا

بِذَرَاكَ أُمَّاتُ الرَّجاءِ مَطافِلٌ
وحيالَ غيركَ ما تزالُ حيالا

كَمْ قُدْتَ مِنْ شَطَنِ الْجَمِيلِ مَصاعِباً
أَعْيَتْ عَلَى كُلِّ الْمُلُوكِ إِفالا

أَنْسَتْ مَكَارِمُكَ الْكِرامَ وَمُلْكُكَ الْـ
مُتَمَلِّكِينَ وَبَأْسُكَ الْأَبْطالا

وَعَلَوْتَ قَدْراً في الْوَرى فَلْيَعْتَمِدْ
صدقَ الأليَّة ِ منْ بقدركَ آلا

شرفَ المعالي قدْ عممتَ صنائعاً
ظلَّتْ على ظهرِ الثَّناءِ ثقالا

هِيَ كَالْقَلائِدِ فِي النُّحُورِ فَإِنْ صَغَتْ
تلكَ النُّحورُ أحلتها أغلالا

مَا أَشْرَفَ الْأَقْوَامُ إِذْلالاً عَلَى
ذِي قُدْرَة ٍ إِلاَّ جَنَوا إِذْلالا

ولكَ العزائمُ لمْ تزلْ تردي بها الـ
فُجَّارَ أَوْ تَهْدِي بِها الضُّلّالا

إِنْ شِئْتَ كُنَّ كَوَاكِباً تَجْلُو الدُّجى
أَوْ شِئْتَ كُنَّ مَناصِلاً وَنِصَالا

ذَلَّتْ لِهَيْبَتِكَ الْمُلُوكُ وَلَمْ تَزَلْ
كلُّ الوحوشِ تخوَّفُ الرِّئبالا

ما زلتَ في الإمحالِ أخصبَ منهمُ
رَبْعاً وَأَنْكَا فِي الْعَدُوِّ مِحالا

وإذا سطو ختلاً سطوتَ مصرِّحاً
وإذا نخوا قولاً نخوتَ فعالا

فَالشَّامُ ذَوْدٌ ذَادَ عَنْهُ مُصْعَبٌ
قطمٌ تصلُّ البيضُ إنْ هوَ صالا

وَأَرى مَمَالِكَ بِالْعِرَاقِ وَغَيْرِهِ
تشكو إليكَ الجدبَ والإمحالا

أغنتْ يدُ السُّلطانِ منْ أملاكها
قَوْماً يُعَدُّ حُضُورُهُمْ إِخْلالا

رَضَعُوا بِها الدَّرَّ الَّذي لَمْ يَدْرَؤُا
عنهُ خطوباً ما تزالُ توالا

وَمَتى فَصَلْتَ مِنَ الْعَوَاصِمِ نَحْوَهُمْ
لتبيرهمْ كانَ الفصولُ فصالا

خُذْهَا مِصَاعاً لاَ اخْتِدَاعاً قَدْ كَفى
ذا الملكَ هذا الفتكُ أنْ يغتالا

منْ كلِّ ذي سيفٍ يقلُّ نجادهُ
عنْ أنْ يكونَ لما احتذيتَ قبالا

فَمَتى تُدَافِعُكَ الثَّعَالِبُ بَعْدَ مَا
رأتِ الضَّراغمِ تسلمُ الأغيالا

فَرَغُوا لِلَهْوِهِمُ بِشُغْلِكَ عَنْهُمُ
فاجعلْ لهمْ بنفوسهمْ أشغالا

كَيْ يَسْمَعُوا مِنْ وَقْعِ مَا قُلِّدْتَ مَا
ينسيهمُ الأهزاجَ والأرمالا

ولدارُ قسطنطينَ أكشفُ عورة ً
مِمَّنْ ذَكَرْتُ أَجَلْ وَأَكْسَفُ بالا

لوْ لمْ يذدْ برضاكَ عادية َ الرَّدى
عَنْ أَرْضِهِ لَمْ يَأْمَنِ الْزِّلْزَالا

وَأَظُنُّها مِنْ بَعْدِ سَبْعٍ نُهْزَة ً
ما اغْتَرَّ مَنْ أَوْسَعْتَهُ إِمْهالا

ظلَّتْ قصاراً عندهُ منْ خوفِ ما
تأتي وعندَ المسلمينَ طوالا

فلتحذرِ الهممُ المذالة ُ في الثَّرى
همماً تجرُّ على السُّهى أذيالا

خُلِقَ الْمُظَفَّرُ بِالثَّناءِ مُظَفَّراً
وَصَلَ الْمُنى أَوْ قَطَّعَ الْأَوْصالا

يثني ببأسكَ منْ أبحتَ ذمارهُ
وَبِفَيْضِ كَفِّكَ مَنْ مَنَحْتَ نَوَالا

لَيْسَتْ تَقَضَّى مِنْ زَمانِكَ لَحْظَة ٌ
حَتَّى تَزِيدَكَ رِفْعَة ً وَجَلالا

بِكَ أَنْجَزَ الدَّهْرُ الْمَطُولُ عِدَاتِهِ
منْ بعدِ ما كانَ المطالُ مُطالا

ما زِلْتَ تُلْبِسُهُ مَحاسِنَ جَمَّة ً
حتّى مشى منْ تيههِ مختالا

فَاسْعَدْ بِعِيدِكَ بَعْدَ سابِقِهِ وَلا
نظرتْ لذا الظِّلِّ العيونُ زوالا

عِيدَيْنِ مِن عِيدٍ وَفَتْحٍ قَبْلَهُ
زادا زمانكَ نضرة ً وجمالا

ولذاكَ أشرفُ في النُّفوسِ ولمْ يزلْ
رمضانُ يفضلُ دائماً شوَّالا

لَوْلاَ ارْتِياحُكَ لِلثَّناءِ وَأَهْلِهِ
لَمْ يُصْبِحِ الْأَدَبُ الْمُذَالُ مُذَالا

أوسعتَ قوَّالَ القريضِ فضائلاً
فلذاكَ منْ أثنى عليكَ أطالا

لَمَّا رَأَيْتُ عُلاكَ لاَ مِثْلٌ لَها
أيقنتُ أنَّكَ ما اقتفيتَ مثالا

وَلَئِنْ عَلاَ الْأَفْعالَ فِعْلُكَ كُلُّهُ
فَلَقَدْ عَلَوْتُ بِمَدْحِكَ الْأَقْوَالا