أَجْدِرْ بِمَنْ عادَاكَ أَنْ يَتَذَلَّلا - ابن حيوس

أَجْدِرْ بِمَنْ عادَاكَ أَنْ يَتَذَلَّلا
وبمنْ أردتَ لقاءهُ أنْ ينكلا

لمْ يزجِ أرمانوسُ نحوكَ رسلهُ
حتّى تخوَّفَ أنْ يكونَ الفيصلا

كَالْعَيرِ يُوْعِرُ جاهِداً فَإِذَا رَأَى
إِيْعارَهُ ضَرَراً عَلَيْهِ أَسْهَلا

قدْ نابَ عنْ إسلامهِ استسلامهُ
بَعْدَ الْخُضُوعِ عَلَيْهِ سِتْراً مُسْبَلا

ما فَالَ رَأْيُ الرُّومِ لَما عاجَلُوا
طَلَبَ الأَمانِ مَخافَة ً أَنْ يُعْجَلا

فَاسْتَنْزَلُوا عَنْ مُلْكِهِمْ مَنْ لاَ يُرى
فِيهِ بِمِثِلِ فِعَالِهِمْ مُسْتَنْزَلا

واستصفحوا هذي الصِّفاحَ فأطفؤا
بخضوعهمْ منها حريقاً مشعلا

قدْ ماجَ بحرهمُ فلمْ يحفلْ بهِ
بَحْرٌ يُغادِرُ كُلَّ بَحْرٍ جَدْوَلا

وَالرِّيحُ إِنْ هَبَّتْ يَهُزُّ هُبُوبُها
نارَ الذُّبالِ بأنْ تحرِّكَ يذبلا

عنيتْ بشمسِ العزمِ بعدَ بزوغها
في .............

وَلَوَ انَّها طَلَعَتْ عَلَيْهِمْ طَلْعَة ً
لَرَأَيْتَهُمْ مِنها هَباءً مُهْمَلا

في هدنة ٍ قدْ قلَّدتهمْ منَّة ً
تأبى صنائعُ ربِّها أنْ تجهلا

ضلَّ السَّبيلَ فلمْ يفزْ بنجاتهِ
مَنْ ظَلَّ يَطْلُبُ غَيْرَ عَفْوِكَ مَوْئِلاً

فليقهرِ الأديانَ غيرَ مدافعٍ
دِينٌ غَدَوْتَ بِنَصْرِهِ مُتَكَفِّلا

أمبلِّغَ الرُّسلِ المرادَ لقدْ رأوا
مِنْ دُونِ قَصْرِكَ ما يَسُوءُ الْمُرسِلا

جيشاً تظلُّ لهُ الشَّواهقُ خشَّعاً
وَتكادُ مِنْهُ الأَرْضُ أَنْ تَتَزلْزَلا

حتّى رأوكَ ومنْ رآكَ فلمْ يرعْ
يئسوا وقدْ نظروكَ ذاكَ الجحفلا

وَتَحَقَّقُوا ما رَابَهُمْ بِتَوَهُّمٍ
وَرَأَوْا عِياناً ما رَأَوْهُ تَخَيُّلا

خطبتْ إليكَ السِّلمَ أملاكُ الورى
فَغَدَتْ وُفُودُهُمُ بِبابِكَ مُثَّلا

كَمْ قَدْ أَتَتْكَ مُخِفَّة ً وَأَعَدْتَها
لاَ تَسْتَطِيعُ بِما أَنَلْتَ تَحَمُّلا

شيَّدتَ للإسلامِ فلتسلمْ لهُ
بِعُلاَكَ عِزّاً لاَ يَرِيمُ مُؤَثَّلا

لاَ يَطْمَعَنَّ بِأَنْ يُسَامِيَ ذَا الْعُلى
سامٍ ولوْ كانَ السِّماكَ الأعزلا

كلاَّ ولاَ ريّاً يؤمِّلُ دونها
ظَامٍ وَلَوْ شَامَ الْغُيُوثَ الْهُطَّلا

لَمَّا ارْتَضَتْكَ لَهَا الْخِلاَفَة ُ عُدَّة ً
ثُمَّ انْتَضَتْكَ فَكُنْتَ عَضْباً مِقْصَلا

أَصْبَحْتَ صاحِبَ رَأْيها إِنْ عَضَّها
زَمَنٌ وَحاسِمَ دَائِها إِنْ أَعْضَلا

ولتذخرنْ طيُّ العصاءِ لرعي ما
أبقيتَ ولتذرِ الوشيجَ الذُّبَّلا

قدْ أصبحوا فرقاً بكلِّ مفازة ٍ
فَرَقاً مِنْ النَّارِ الَّتي لاَ تُصْطَلا

أنزلتهمْ دارَ الهوانِ ولوْ رضوا
بِسُطى سِوَاكَ لَما ارْتَضَوْها مَنْزِلا

وسلبتَ حسَّاناً بعزِّكَ عزَّة ً
وَلكَانَ ذَا وَجْدٍ بِما عَنْهُ سَلا

فاذعرْ بذا العزمِ الأسودَ الغلبَ في
غاباتِها وَذَرِ النَّعامَ الْجُفَّلا

فسيوفُ عزمكَ لوْ لقيتَ مهلهلاً
يومَ الكلابِ بها لعادَ مهلِّلا

وَسِهامُ رَأْيِكَ ما رَمَيْتَ بِها الْعِدى
إِلاَّ أَصارَتْ كُلَّ عُضْوٍ مَقْتَلا

وليلبسِ الطَّوقَ المرصَّعَ ناكثٌ
وجدَ الصَّليبَ أخفَّ منهُ محملا

وليهنِ مولانا عزائمُ غادرتْ
متذلِّلاً منْ لمْ يزلْ متدلِّلا

وَانْتَابَهُ أَهْلُ البِلادِ وَطَالَما
قدْ رامَ عنهُ أهلهُ متحوَّلا

قَدْ صَارَ صُبْحُ الشَّامِ لَيْلاً مُسْفِراً
وَلَكانَ فِيهِ الصُّبْحُ لَيْلاً أَلْيَلا

مذْ ظلَّ بأسكَ عونهُ إنْ نابهُ
خَطْبٌ وَجُودُكَ غَيْثَهُ إِنْ أَمْحَلا

فَلْيَرْمِ مَنْ أَصْبَحْتَ عُدَّتَهُ الْعِدى
بكَ عنْ يقينٍ أنَّهُ لنْ ينضلا

وَلْيَرْقَ مَنْ رَامَ الْعُلُوَّ بِنائِلٍ
فَنَدَاكَ يَحْكِي الْعَارِضَ الْمُتَهَلِّلا

فبمثلِ هذا البأسِ يحمي منْ حمى
وبمثلِ هذا الجودِ يعلو منْ علا

أيُّ الخلائقِ لمْ تدنْ لكَ طاعة ً
أَيُّ الْمَدَائِنِ لَمْ تَصِرْ بِكَ مَعْقِلا

لوْ قيلَ للأيَّامِ وهيَ خبيرة ٌ
هلْ كالمظفَّرِ في الأنامِ لقلنَ لا

إنَّ الزَّمانُ أرادَ كشفكَ للورى
فسطا لتردعهُ وجارَ لتعدلا

فعدلتَ حتّى لمْ تجدْ متظلِّماً
ومنعتَ حتّى لمْ تدعْ متبذِّلا

عِزٌّ أَنَالَكَ ذُو الْجلاَلِ بَقَاءَهُ
فلقدْ حويتَ بهِ الفخارُ مكمَّلا

وَأَرَاكَ مَحْمُوداً مُبَلَّغَ رُتْبَة ٍ
ما نالَ أدناها الأكاسرة ُ الألى

فلقى الشَّآمَ وساكنيهِ عصمة ً
أنْ أصبحَ الضِّرغامُ فيهِ مشبلا

مَلِكٌ إِذَا حَمَلَ الْمَغارِمَ عَنْهُمُ
أَجْزى وَإِنْ بَذَلَ الْمَكارِمَ أَجْزَلا

سهلٌ على الطُّلاَّبِ صعبٌ في الورى
أَكْرِمْ بِهِ مُسْتَصْعِباً مُسْتَسْهِلا

يا مصطفى الملكِ المظفَّرَ لمْ تدعْ
في ذا الثَّناءِ مجدٍّ مدخلا؟

حرَّمتهُ إلاَّ عليكَ فلنْ ترى
أَبَداً لِغَيْرِكَ مَا حَيِيتُ مُحَلَّلا

مَاذَا أَرُومُ وَكُلُّ أَكْدَرَ قَدْ صَفا
لي في ذراكَ وكلُّ مرٍّ قدْ حلا

حسبُ المطامعِ روضُ بشركَ مرتعاً
وكفى المنى منهلُّ جودكَ منهلا

والآنَ أغناني عنِ الثَّمدِ الحيا الـ
هامي وأنساني المحلَّ الممحلا