تسدُّ إذا حمَّ الحمامُ المذاهبُ - ابن حيوس

تسدُّ إذا حمَّ الحمامُ المذاهبُ
ويُعيي البرايا فوت ماللّه طالبُ

و أنتَ وَما في الخلقِ منكَ معوضٌ
لَهُمْ عِوَضٌ مِنْ كُلِّ ما هُوَ ذَاهِبُ

أرى غيرَ الأيامِ تلعبُ بالورى
فلا زلتَ محروساً وَلاَ جدَّ لاعبُ

هوى كوكبٌ زهرُ الكواكبِ مذهوى
ففارقَ مثواها عليهِ نوادبُ

وِلَوْ لَمْ يُرَاعِ الأْفْقُ حَقَّ جِوَارِهِ
لما شيعتهُ بالبكاءِ السحائبُ

أعبرُ بالتذكيرِ عمداً وَإنني
وَما إنْ تعديتُ الكناية َ هائبُ

وَلَيْسَ لِما أَخفى إِباؤُكَ مُظْهِرٌ
وَلَيْسَ لِمَنْ سَرْبَلْتَه الصَّوْنَ سالِبُ

وَكَمْ مُظْهَرٍ مِنْ فَضْلِهِ وَهْوُ مُضْمَرٌ
وَكَمْ شاهِدٍ مِنْ مَجْدِهِ وَهْوُ غائِبُ

إذا ما سماءُ المجدِ لمْ يهوِ بدرها
فَأَهْوِنْ بِأَنْ تَنْقَضَّ مِنْها الْكَوَاكِبُ

فدتْ سائرُ الأرواحِ ملكاً فداؤهُ
وَطاعتهُ فرضٌ على الناسِ واجبُ

لئنْ ظفرتْ أيدي الخطوبِ ببغية ٍ
فَما زِلْتَ تَفْرِي وِالْخُطُوبُ الضَّرَائِبُ

وَلَوْ أَنَّ صَرْفَ الدَّهْرِ يُثْنى بِقُوَّة ٍ
لعاودَ عنْ هذا الحمى وَهوَ خائبُ

وَلَوْ كانَ شَخْصاً صَدَّهُ عَنْ مُرَادِهِ
مُؤَلَّلَة ٌ زُرْقٌ وَبِيضٌ قَوَاضِبُ

وَلَوْ أَنّهُ جَيْشٌ كَثِيرٌ عَدِيدُهُ
لَقارَعَهُ مَنْ كُلِّ أَوْبٍ كَتائِبُ

ترى نزهة َ الأبصارِ وَهيَ مواكبٌ
وَهادِمَة َ الأْعْمارِ وَهْيَ مَقَانِبُ

وِما هِيَ إِلاَّ عَزْمَة ٌ مِنْكَ صَدْقَة ٌ
وَلاَ الصبرُ مغلوبٌ وَلاَ الهمُّ غالبُ

وَعزمكَ قدْ أفنى حماة َ ممالكٍ
تُطاعِنُ شَزْراً دُونَها وَتُضارِبُ

ممالكُ قدْ دوختها بعدَ ما صفتْ
مَشارِبُ فِيها وَاطْمَأَنَّتْ مَسارِبُ

فَحٌزْتَ مَدى ً قَدْ عاوَدَتْ دُونَ نَيْلِهِ
أمانيُّ أهلِ الأرضِ وَهيَ لواغبُ

لَئِنْ ناسَبَتْكَ التُّرْكُ فَرْعاً وَعُنْصُراً
فَما لَكَ في حَوْزِ الْعَلاَءِ مُناسِبُ

تحلى زمانٌ أنتَ فيهِ محاسناً
عَوَاطِلُ مِنْهُنَّ السِّنون الذَّوَاهِبُ

وَ أَنْتَ الَّذي ما إنْ يَزَالُ مُظَفَّراً
إِذَا ما الْتَقّتْ آرَاؤُهُ وَالنَّوَائِبُ

لقدْ كذبتْ مذْ ذدتَ عنا ظنونها
فَلا صَدَقَتْ تِلْكَ الظُّنُونُ الكَوَاذِبُ

أَذَا الْفَتَكاتِ اللَّائِي لَوْ لَمْ تَبُحْ بِها
نفوسُ العدى ما التذَّ بالماءِ شاربُ

تعزَّ بذا العزَّ الأشمَّ فإنهُ
طريقٌ إلى حسمِ المساءة ِ لاحبُ

وَطِيبِ ثَناءٍ طَبَّقَ الأَرْضَ فَاكْتَسَتْ
مشارقها منْ عرفهِ وَالمغاربُ

بعزمكَ يا سيفَ الخلافة ِ يقتدى
فَلا تُرِ خَطْبَاً أَنَّهُ لَكَ غاصِبُ

أَنِلْنا بِتَرْكِ الهَمِّ يَمْضي لِشَأْنِهِ
منانا فكمْ نيلتْ لديكَ الرغائبُ

وَذللْ عصيَّ النومِ بالسطوة ِ التي
أرحتَ بها نومَ الورى وَهوُ عازبُ

وَهبنا الأسى فيما وهبتَ فإننا
تَهُونُ عَلَيْنا ما بَقِيَتَ المَصائِبُ