بَشَّتْ غِرَاسُكِ عَنْ بَوَاكِيرِ الغَدِ - خليل مطران

بَشَّتْ غِرَاسُكِ عَنْ بَوَاكِيرِ الغَدِ
وَبَدَتْ تَبَاشِيرُ الهُدَى لِلمُهْتَدِي

تَتَجَدَّدُ الدُّنْيَا فَمنْ يَبْغِي بِهَا
أَنْ يُدْرِكَ الغَايَاتِ فَليَتَجَدَّدِ

أَنْصَفْتِ يَا نُورَ الهُدَى وَلِحِكْمَةٍ
أَذَكَيْتِ شُعْلَةَ عَزْمِكِ المُتَوَقِّد

نِعْمَ المِثَالُ مِثَالُكِ الأَعْلَى لِمَنْ
بِكِ فِي الرِّيَاسَةِ وَالكِيَاسَةِ يَقْتَدِي

لَكَ فِي كِتَابِ العَصْرِ أَبْهَجُ صُورَةٍ
خَلُدَتْ وَغَيْرُ الفَضْلِ لَيْسَ بِمُخْلَدِ

كَمْ مِنْ يَدٍ لَكَ عِنْدَ قَوْمِكِ لاَ يَفِي
فِي شُكْرِهَا لَوْ جَازَ تَقْبِيلُ اليَدِ

عَرَفَ الزَّمَانُ قَلِيلَهَا وَكَثِيرُهَا
مَا لَيْسَ مِنْهُ بِمَسْمَعٍ أَوْ مَشْهَدِ

تَكْفِيكِ إِحْدَاهَا فَخاراً أَنْ نَقِفْ
مِنْهَا عَلَى تَشْيِيدِ هَذَا المَعْهَدِ

فَضْلٌ مِنَ اللهِ اتِّحَادُ نِسَائِنَا
حِينَ الرِّجَالُ كَزِئْبَقٍ مُتَبَدِّدِ

حَاكَيْنَ نَظْمَ عُقُودِهِنَّ وَمَزَّقَتْ
أَزْوَاجُهُنَّ خَنَاصِراً لَمْ تُعْقَدِ

ليْسَ المَقَامُ مَقَامَ تَفْنِيدٍ وَقَدْ
يَدْعُو إِلى الحُسْنَى لِسَانُ مُفَنِّد

يَا حُسْنَ هَذَا الائْتِلاَفِ وَلُطْفَ مَا
فِيهِ مِنَ الإِرْشَادِ لِلمُسْتَرْشِدِ

بَشِّرْ بِهِ عَهْدَ الرُّقِيِّ فَإِنَّهُ
مَا يسْتَزِدْ مِنْهُ مَآثِرَ يَزْدَدِ

بُورِكْتَ يَا عَهْدَ الرُّقِيِّ وَبُورِكَتْ
مُتَبَوِّئَاتُ الصَّدْرِ فِي هَذَا النَّدِي

هُنَّ اللدَاتُ السَّابِقَاتُ ثَقَافَةً
أَخَوَاتِهِنَّ مِنَ المِلاَحِ الخُرَّد

أَلغَازِيَاتُ قُلوبَ عُشاقِ النهَى
بِالفَضْلِ لاَ بِمُثَقَّفٍ وَمُهَنَّدِ

أَلغَانِيَاتُ بِمَعْنَوِيَّاتِ الحِلَى
عَنْ لُؤْلؤ بِنُحُورِهِنَّ وَعَسْجَد

ما بَيْنَ مُصْعِدَةٍ بِأَجْنِحَةٍ وَقَدْ
عَادَ الثَّرَى سِجْناً لِغَيْرِ المُصْعَدِ

وَنَصِيرَةٍ لأُولِي الحُقُوقِ تَصُونُهَا
مِمَّنْ يَصُولُ عَلَى الحُقُوقِ وَيَعْتَدِي

وَطَبِيبَةٍ تَأْسُو وَلا تَقْسُو فَمِنْ
يَدِهَا يَمُرُّ النَّصْلُ مَرَّ المِرْوَد

وَأَدِيبَةٍ بَلَغَتْ مَدَى مَطْلُوبِهَا
فِي العِلْمِ مِنْ مُستَطْرَفٍ أَوْ مُتْلَدِ

زَادَ التَّأَهُّبَ لِلغِمَارِ عَفَافُهَا
وَبِغَيْرِ ذَاكَ القَيْدِ لَمْ تَتَقَيَّدِ

تِسْعٌ بَرَزْنَ مِنَ الصُّفُوفِ تَوَارِكا
لِلاَّحِقَاتِ الشَّوْطَ مجِدَّ مُمَهَّد

نَافَسْنَ فِتْيَان الحِمَى فَوَرَدْنَ مَا
يَرِدُونَ وَالعِرْفَانُ أَسْمَحُ مَوْرِدِ

نِعْمَ التَّنَافُسُ وَالمَطَالِبُ حَقَّةٌ
فَهْوَ السَّبِيلُ إِلَى العُلَى وَالسُّؤْدَدِ

وَهْوَ المُقيلُ لكُلِّ شَعْبٍ عَاثِرٍ
وَهْوَ المُعِزُّ لِكُلِّ شَعْب أَيِّدِ