من خمرةِ الكاسِ لا من خمرة الياسِ - رشيد أيوب

من خمرةِ الكاسِ لا من خمرة الياسِ
أعطيتُ نفسي مداها بينَ جُلاّسي

فخمرَةُ اليأسِ لي وحدي أعاقرها
وخمرة الكأسِ بينَ النّاسِ للنّاسٍ

كم لَيلَةٍ طاشَ قلبي من تمَلمُلِهِ
فرُحتُ أنعشهُ من حَرّ أنفاسي

يقول لي وسهامُ الدّهرِ تصرعهُ
الله ما أعذبَ الشكوى وأحلاه

ورحتُ أنفقُ عمري كلّما لمعَت
زُهرُ النّجومِ أناجِيهَا بأشعاري

قلبي يدقّ وأنفاسي تُرَدّدُها
ألحانَ عَتبٍ وأشواقٍ وتذكارِ

كَم قائلٍ ليَ قَد أوتِيتَ موهبَةً
فقلتُ يا صاحبي خُذها بدولارِ

لم يدركوا سرّ عيني كلّما امتلأت
بدمعَةٍ غَيّضَتها في زواياها

وبارقٍ لاحَ في الظَّلماءِ صحت بهِ
يا ساريَ البرق قد هيّجتَ آلامي

ذكرّتني بزمانٍ كم حسَوتُ بِهِ
خمراً مُعَتَّقَةً من دنّ أحلامي

عهدَ الشبابِ أيا عهد الجنون أمَا
من عودةٍ فأداوي جرحيَ الدّامي

تجري اللّيالي على خيلٍ مُطَهَّمَةٍ
فكيف يلحقُ مَن مثلي مَطَاياهَا

لا تحسبُوا أنّني أشكو لكم مِحَني
إني لراضٍ عن الأيّامِ من حالي

فصاحبُ الفَنّ سلطانٌ بدولَتِهِ
كصاحبِ المَالِ إذ يَعتَزّ بالمَالِ

كلٌّ يُغَنّي على ليلاهُ من شَغَفٍ
يَطوي السّنينَ بأحلامٍ وآمالِ

تحلو الأمّانيُّ في الدّنيَا لطالبها
ما لَذّةُ العيشِ في دنياهُ لَولاهَا