شفَّنى وجدى ، وأبلانِى السهَر - محمود سامي البارودي

شفَّنى وجدى ، وأبلانِى السهَر
وَتَغَشَّتْنِي سَمَادِيرُ الْكَدَرْ

فسوادُ الَّليلِ ما إن ينقضى
وبياضُ الصبحِ ما إن ينتظَر

لا أنيسٌ يَسمعُ الشَّكوى ، ولا
خبَرٌ يأتى ، ولا طيفٌ يَمر

بَيْنَ حِيطَانٍ وَبَابٍ مُوصَدٍ
كلَّما حرّكهُ السَّجانُ صَرْ

يتمشَّى دونَهُ ، حتَّى إذا
لحِقَتهُ نبأة ٌ منِّى استَقَر

كُلَّمَا دُرْتُ لأِقْضِي حَاجَة ً
قالَت الظُلمة ُ : مهلاً ، لا تَدُر

أتقرَّى الشَئَ أبغيهِ ، فلا
أجِدُ الشئَ ، ولا نفسى تقَر

ظُلمة ٌ ما إن بِها من كوكبٍ
غيرُ أنفاسٍ تَرامى بالشَرَرْ

فَاصْبِرِي يَا نَفْسُ حَتَّى تَظْفَرِي
إنَّ حُسنَ الصبرِ مفتاحُ الظَفَر

هِيَ أَنْفَاسٌ تَقَضَّى ، وَالْفَتَى
حيثُما كانَ أسيرٌ للقدَرْ