بَينَ المُدام، وبَينَ الماء شَحناءُ، - أبو نواس
بَينَ المُدام، وبَينَ الماء شَحناءُ،
تَنْقَدُّ غَيْظا، إذا ما مسَّها الماءُ
حتى تُرَى في حوَافي الكأس أعيُنُها
بِيضاء وليس بها منْ عِلَّة ٍ داءُ
كأنّها حينَ تَمطُو، في أعِنّتِها،
منَ اللّطافَة في الأوْهام عَنْقاءُ
تَبْني سماءً في أرضٍ مُعَلَّقَة ٍ ،
كأنّها عَلَقٌ، والأرضُ بيضاءُ
نُجومُها يَقَقٌ ، في صَحْنِها عَلَقٌ ،
يُقِلّها مِنْ نجوم الكأس أهوَاءُ
جلّتْ عن الوَصْف، حتى ما يطالبُها
وَهْمٌ، فتَخْلُفُها في الوَصْفِ أسماءُ
تَقَسّمَتْها ظنونُ الفِكر، إذ خفيتْ،
كما تَقَسَّمَتْ الأديانَ آراءُ
من كفِّ ذي غُنُجِ ، حُلْو شمائلُهُ،
كأنّه عند رأي العينِ عذْراءُ
له بكيتُ ، كما يبكي النَّولى رجلٌ
على المَعالمِ والأطلال بكّاءُ