في يميني آخر الورقات - سامر رضوان

لا…
زُفّني يا طينُ نحوَ الغيبِ،
كي تبدو جميلاً،
عاشقاً لغةَ انتشالِ المدمنينَ على الهواجسِ
مِن تمدُّدهم وراءَ الأمنياتِ،
ومن حبال لفَّها قدرُ المشيمةِ حولنا
بل زفّني يا طينُ نحوكَ
نحو أمواتٍ همُ الباقونَ تحتَ نداكَ
صبري عاجزٌ عن كسرِ روحي يا صديقُ
لك الخصوبةُ، واللزوجةُ
من هوى كفيّ بعدَ الوصلِ
إني راحلٌ
فكمِ المسافةُ بيننا
حِمْلٌ من اللحظاتِ
أمْ هرمٌ من السنواتْ؟؟؟؟
هل إخوتي سقطوا ورائي
يومَ أدخلني الحصارُ إلى جموعٍ
أخرجوا صوتي من المنفى ليُضْرَبَ
ثم تخنقهُ المعابدُ والغناءْ؟؟؟؟؟
أرأيتَ يا طينُ اضطهادي
بين عمري والعصافير الحنونةِ؟؟؟
لا تبالي
كنتُ أقوى من سيوفٍ
تُخرجُ الخلفاءَ من دنيا الجواري
كنتُ قِبلةَ من يصلّي
لو أمدّتني السماءُ بخوذةٍ
تحمي أوابديَ الجديدة
من أبابيل الشتاءْ
بل كنتُ لا أدري
إذاً هذي يدي
كمناقب الفقهاءِ شُقّتْ
بانَ منها العجزُ، والعظمُ الطريُّ،
وخاتمُ العرسِ المهشّمِ، والمدنْ
هذي يدي
نطقت لتخرسها الجبالُ
ليخرجَ الصبحُ المدمّى من أصابعها،
لتسكب خمرها في جثةِ الصحوِ المحاصرِ بالتمدُّنِ
كمْ أضأتُ!!!!
ويومَ تمضغني الأوابدُ
يُطفئ التاريخُ إكليلي
وأُنسى بين سفّودينِ
أخرجُ للأزقةِ
في يميني آخرُ الورقاتِ
تأمرني ببيعي
: سوقُُ
خذني للجماجمِ
علّنا ننسى البكاءَ على مسيحٍ قد تصدّعَ صلبَهُ،
علّ الزمانَ يُرَجّعُ الأحزابَ،
من غضبِ الإماءِ،
وعلّ سيفَ اللهِ لا يبكي
لأنّ الرمحَ لم يطأِ الشهادةَ في حماهُ،
وعلّ فاروقَ الإباءِ يعيدُ جُثّةَ عدلهِ
بعد اختطافي من حكايا جدتي
قصصُ البلاد فقيرةٌ بالحبِّ،
هذي الأبجدية ناقصةْ
مسكونةٌ بالإثمِ
منذُ العهدِ، والسفْرِ القديمِ
لها متاهاتٌ أضاعتْ أكثر الشعراء
أدمتهمْ
أقامتْ من معاجمهم عروشاً
ثمّ أعلنتِ الخلودْ
قلْ بعد هذا
هل تبايعني القصيدةُ بالسيادةِ، والمطرْ؟؟؟؟؟؟
توفي فروضَ زكاتها لقريحتي
حتى تؤرخني السواحلُ والصحارى والشجرْ؟؟؟؟؟؟
أَصِلُ الغنيمة قبلَ كلّ القرصنات
وأقطفُ الثمرَ الموشّحَ بالأغاني
فانتشلني
من سفاحٍ وحّدَ الأقطابَ ضدّ النورِ
صوتي كانتصاب نساءِ هذا الجيل
مطعونٌ بعفّتهِ
ومطعونٌ بقدرتهِ على تقليمِ ذاتِ العمرِ
خذني لاتجاهكَ
لاتجاه اللونِ
للبنيّ
للكحليّ
للصمتِ الأخيرْ
قلْ ما السبيلُ إلى رجوعِ الخلقِ للفوقِ العصيّ
وطعمةُ التفاح تُزكمُ أبجديات الوصولْ؟
هل كنتُ أُخدعُ لو تَمَلّكني الزمانُ
وعادَ بي نحوَ الأساطير القديمةِ؟
-يا شقيُّ لكَ الرثاءُ
لكَ الفرادى والمثنى والجميعُ لكَ التعبْ
ولكَ الشفاعةُ يومَ تغدو وحدكَ
الولدُ.. استقالَ
وثروةُ الأجدادِ.. ماتتْ
ربّما تنساكَ خيمتُكَ القديمةُ
ربما تصبو الأصابعُ عضّةً رعويّةً
بل ربما نطقتْ أداةُ السمتِ
تهديكَ البشارةَ
ما البشارةُ؟
إنها لوزيّةُ التكوينِ
شيمتها الجواري والحبارى
شكلُها:
شكلُ المكوثِ على رمالِ الشاطئ الكونيِّ
والغرقِ اللذيذ وأنتَ تحلمُ بالمدى
أين الهدى؟
وهناكَ لحمٌ طيّبٌ
ونواهدٌ.. ونواجذٌ
سمرٌ.. وبيضٌ
آه يومي هلْ يطولُ؟
حلمتُ بالعاصي يتوبُ ويأمرُ الجيشَ المبلّلَ
بالرجوعِ إلى الخليفةِ
آهِ عمري هل يطولُ؟؟؟؟؟!!!!
وعمرُ وردي خمسُ طعناتٍ وموتْ
وصهيلُ نفسي قد كبا
وأنا كبوتْ
لي سكرةٌ لا يوقف السدُّ العليُّ هبوبها
فتقمصتني قدرةُ اللاهوتِ
أعرفُ من أضاءَ ومن أساءَ
ومن تولّى عرشَ تلكَ المسألةْ
وليَ انتصاراتُ الهزائمِ
بعدَ دقّ الرمحِ بالسيفِ المثلّمِ
والمواثيق الكذوبةِ والردى
وليَ الصدى
هل أُخرجُ الآنَ النهايةَ من تلافيفِ القصيدةِ
من رحى ألمي وجرحِ شهادتي؟؟؟؟؟
فليكتب التاريخُ:
صفقتيَ انتهتْ.