لا أحمد الدمع إلا حين ينسجم - الحكم بن أبي الصلت

لا أحمد الدمع إلا حين ينسجم
فخل دمعك يسقي الربع وهو دم

أما ترى الحي قد زمت ركائبه
وصاح بالبين حادي الركب بينهم

وفي حشا الهودج المزرور شمس ضحى
تنور للركب من أنوارها الظلم

بيضاء فضلها في الحسن خالقنا
فأصبحت وهي في الأرواح تحتكم

سكرى من الدل لكن ما بها سكر
سقيمة اللحظ لكن ما بها سقم

كروضة الحزن في رأد الضحى خطرت
بها الصبا حين روت تربها الديم

ليست تزور وإن زارت لنم بها
برق من الثغر يبدو حين تبتسم

بانوا فأي بدور عنهم غربت
بمغرب وغصون ضمها إضم

وللظباء وأسد الغيل ما ضمنت
تلك البراقع يوم البين واللثم

وخلفوا الدنف المشتاق منطويا
على جوانح مشبوب بها الضرم

يرعى كواكب ليل لا براح لها
كأن إصباحه في الناس منه هم

يزيدني اللوم فيهم لوعة بهم
كالنار بالريح تشتري وتضطرم

فما تغيرني الأقداح دائرة
ولا تحركني الأوتار والنغم

مالي وللدهر أرضيه ويسخطني
واستجد له مجدا ويهتدم

تقلدتني لياليه مولية
كما تقلد نصل السيف منهزم

إن يخف عن أهل دهري كنه منزلتي
فالصبح عن بصر العميان منكتم

ولم يزل مرتقى الأقدام سامية
فيه وتستسفل الهامات والقمم