يَهدِمُ دارَ الحياة ِ بانيها - عبد الجبار بن حمديس

يَهدِمُ دارَ الحياة ِ بانيها
فأيّ حيّ مُخَلَّدٌ فيها

وإن تردّتْ من قبلنا أممٌ
فهي نفوسٌ رُدّتْ عواريها

أما تَراها كأنَّها أجَمٌ
أسْوَدُها بيننا دواهيها

إنْ سالَمَتْ وهي لا تسالمنا
أيّامُنَا، حارَبَتْ لياليها

وَاوَحْشَتَا من فِراقِ مُؤنِسَة ٍ
يميتني ذكْرُها ويحييها

أذكرها والدموع تسبقني
كأنَّني للأسى أجاريها

يا بحرُ أرخصتَ غير مكترثٍ
مَنْ كنتُ لا للبياع أغليها

جوهرة ٌ كان خاطري صَدَفاً
لها أقيها به وأحميها

أبَتّها في حشاك مُغْرَقَة ً
وبتُّ في ساحليك أبكيها

ونفحة ُ الطيبِ في ذوائبها
وصبغة ُ الكحل في مآقيها

عانقها الموجُ ثمّ فارقها
عن ضَمة ٍ فاضَ روحها فيها

ويلي من الماءِ والتراب ومن
أحكام ضِدين حُكّمَا فيها

أماتها ذا وذاكَ غيرها
كَيْفَ من العُنْصُرَيْن أفديها