جاءتكَ أولاد الوجيه ولاحقٍ - عبد الجبار بن حمديس

جاءتكَ أولاد الوجيه ولاحقٍ
فأرتكَ في الخلقِ ابتداعَ الخالقِ

نينانٌ أمواهٍ، وفتخُ سباسبٍ
وظباءُ آجامٍ، وعُصمُ شواهقِ

بمؤلَّلاتٍ تستديرُ كَأنَّها
أقلامُ مبتدعِ الكتابة ِ ماشقِ

قد وَقّعتْ لك بالسعود وما جَرَتْ
بسوادِ نِقْسٍ في بياض مَهارِق

غُرٌّ محجَّلة ٌ تكاملَ خلقها
بمجانسٍ من حسنها ومطابق

وكأنَّما حَيّثْ عُلاكَ وجوهها
فأسأل فيها الصبح بيضَ طرائق

كرّت ذخائر عربها في عتقها
وشأت بفضله عدوها المتلاحقِ

وإذا الجلال تجرّدت عن جردها
لبست غلالة َ كلّ لونٍ رائقِ

من كلّ طرفٍ يستطير كطرفهِ
جَرْياً فوثبته غِلابُ السابق

وَرْدٌ تميَّعَ فيه عَنْدَمُ حُمْرَة ٍ
كالورد أُهدي في الربيع لناشقِ

وكأنَّه وكأنَّ غرة وجهه
شفقٌ تألّقَ فيه مطلع شارقِ

وكأنَّ صبحاً خصَّ فاه بقبلة ٍ
فابيضّ موضعها لِعَيْنِ الرامق

متصيد برياضة ٍ وطلاقة ٍ
في تيه معشوقٍ وطاعة عاشق

وإذا تغنى بالصهيل مطرباً
أنسى أغاني معبدٍ ومخارقِ

ومزعفرٍ لونَ القميص بِشُقْرَة ٍ
كالرّيح تعصفُ في التهاب البارق

وتراه يدبر كالظليم بردفه
عُجباً، ويُقبلُ كانتصاب الباشقِ

وإذا طرقت به انتهي بك غاية
أبدا تشقّ على الخيال الطارق

كاد الكميتُ ينوبُ عن لعس اللمى
ويسوغُ كالخمر الكُمَيْتِ لذائق

ويمدّ فوق البحر عند عبوره
جسراً بهادٍ للسماءِ معانقِ

خيلٌ كأنَّ الرّكض من خيلائها
في قلب كلّ معاندٍ ومنافقِ

وكأنما اقتسمت عيونَ أجادلٍ
وشدوقَ غربان، وسوق نقانِقِ

قُدها تخبّ بكلّ ذمرٍ أبلهٍ
بخداعِ أبطال الوقائع حاذقِ

وإذا أثَرْنَ بنقعهنّ سحائباً
صبتْ على الأعداء صوبَ صواعقِ

أصبحتَ في السادات ناصرَ دَوْلَة ٍ
تصفُ العُلى عدل مناطق

بطلاً يطول بذكره في سلمه
كصياله بحسامه في المأزق

مترحلاً نحو المعالي ساكناً
بالجيش في ظلّ اللواء الخافق

شدّتْ عزائمه مهالكهُ كما
شُدّتْ فزازينٌ بعقد بيادقِ