كم دمٍ فيك أيُّها الرّيمُ طلاّ - عبد الغفار الأخرس

كم دمٍ فيك أيُّها الرّيمُ طلاّ
وفؤادٍ بجمرة ِ الوجد يصلى

فأناسٌ بخمرِ عَينيك صَرعى
وأناسٌ بسَيْف جفنيكَ قتلى

قلْ لعينيك إنَّها قتلتنا
أَحسِني بالمتيّمِ الصبِّ قتلا

ولك الله من حبيبٍ ملولٍ
غير أنَّ الهوى به لن يملاّ

يا عزيزاً أذلُّ طوعاً لديه
والهوى يترك الأعزَّ الأذلا

إنْ تعجلْ بالهجر منك عذابي
أو تُؤاخِذْ متيْمّيك فمهلا

وإذا ما کسْتَحْلَيْتَ أنتَ تلافي
كان عندي وريقِك العذب أحلى

لايملَّ العذابَ فيك معنّى
وسواك الذي يملُّ ويقلى

يتراءى لعاذلي أنَّني أسْمَعُ
نصحاً له وأقبلُ عذلا

يأمرُ القلبَ بالسلوّ ومنْ لي
بفؤادٍ يُرضيه أنْ يتسلّى

خَلِّني والهوى بآرام سَلْعٍ
يا خَليلي ولا عدمتُك خلاً

ربَّ طيفٍ من آل ميٍّ طروقٍ
زارَ وهناً فقلت أهلاً وسهلا

إنَّ من أَرسَلَتْك من بعد منعٍ
قد أساءتْ قطعاً وأحْسَنْتَ وصلا

بعثَتْ طيفَها ولم تَتَناءى
عن مزاري إلاّ دلالاً وبخلا

فَلَقْد كاد أنْ يَبُلَّ غليلي
ذلك الطيف في الكرى أو بلاً

نَظَرَتْ أعْيُني منازلَ في الجزع
فأَرْسَلْتُ دمعَها المستهلاّ

لم أُكْفِكْفْ دَمعي بفضلِ ردائي
بادّكار الأحباب حتى کبتلا

فسقيتِ الغمام يا دار ظيماء
موقراتٌ نسيمُها المعتلاّ

طالما كنتُ فيك والعيش غضٌ
وعروسٌ من المدامة تجلى

أشْرَبُ الرَّاح من مراشف ألمى
جاعلاً لي تفاحَ خدَّيه نقلا

فکبكِ عَنّي عَهْدَ الصّبا أو تباكَ
لبكائي والصبُّ بالدمع أولى

أينَ ذاك الهوى وكيف تقضّى
كان خمراً فما له صار خلاّ

صاحبي هذه المطيُّ الّتي
سارت عشاءً تجوبُ وعراً وسهلا

زادَها الوجْدُ غُلَّة ً والنوى وَجْـ
وجداً وفرقة ُ الشَّملِ غلاّ

تَتَلَظّى كأنَّها في حَشاها
جمراتٌ تذوبُ منها وتصلى

وغدتْ بعدَ طيّها الأرض طياً
آكلاتٍ أخفافها البيدُ أكلا

أرتاها تبغي النَّدى من عليٍّ
فَنَداه لم يُبْقِ في النفس سؤلا

ساد أقرانه وكان غلاما
ثم سادَ الجميعَ إذ صار كهلا

وانتضته يدُ العلى مشرفيّاً
صَقَلَتْه قَينُ السِيادة صقلا

فأراعَ الزمانَ منه جمالٌ
وجلا كلَّ غيهب إذ تجلّى

غمرَ الناس بالجميل فقلنا
هكذا هكذا الكرامُ وإلاّ

بأيادٍ تكون في المحْل خِصباً
في زمان يصيرّ الخطب محلا

باذلاً كلَّ ما يروق ويحلو
لا مُملاً ولا ملولاً بذلا

والفتى الهاشميّ إنْ جاد أغنا
ك وإنْ أجزلَ العطاءَ استقلا

ربَّما خلْتَه لفرطِ نَداه
مُكثِراً وهو عند ذاك مُقِلاّ

وسواءٌ لديه في حالتيه
كَثُرَ المالُ عِنده أو قلاّ

آلُ بيتً إنْ كنتَ لم تدرِ ماهم
فکسأَلِ البيتَ عنهمُ والمصلّى

بأبي أنتَ من سلالة ِ طه
أشْرَفُ الكائنات عقلا ونقلا

سَيِّدٌ لا يمينه تَقْبَلُ القَبض
ولا طبعهُ يلائم بخلا

وبما قد سبقتَ من جاء بعداً
سيّدي قَدْ أدْرَكْتَ من كان قبلا

ما تعالتْ قومٌ إلى المجد إلاّ
كنتَ أعلى منهم وأنتَ الأعلى

طيّب الفرع طيّب الذات تخشى
سطوات الظبا وترجى نيلا

وإذا كنتَ أطيب الناس فرعاً
كنتَ لاشك أطيبَ الناس أصلا

يا عليَّ الجناب وابنَ عليٍّ
والمعالي لم ترض غيرك بَعلا

قد بلوناك يومَ لا الغيثُ ينهلُّ
فَشِمناك عارضاً منهلا

ووجدناك للجميع ملاذاً
يَرتجيك الجميعُ جُوداً وفضلا

والأماني تُلقي ببابك رحلاً
كلَّ يوم تمضي وتملأُ رحلا

وتلاقي حلاحلاً جعل الله
علاه على البريّة ظلاّ

ربّما كان في الأوائل مثلاً
لك واليوم لم نجد لك مثلا

أنتَ ذاتٌ لدى كلّ يوم
ترتقي منصباً وتعلو محلاّ

أنتَ في كلّ موضعٍ ومكانٍ
آية ٌ من جميل ذكرك تتلى

فإذا قُلتُ في مديحك شيئاً
قيلَ لي أنتَ أصدقُ الناس قولا

فتقبَّلْ مولاي فيك ثنائي
وليَ الفخرُ إنْ تكنْ لي مولى

وتكرَّمْ بأَخْذِه ولَكَ الفَضلُ
وما زِلْتَ للفضائل أهلا

لا تزال الأيام في كلّ حولٍ
لكَ عيداً ودمتَ حولاً فحولا