سقى الله عهداً بالحمى قَد تقدَّما - عبد الغفار الأخرس

سقى الله عهداً بالحمى قَد تقدَّما
وعَيشاً تقضّى ما أَلذَّ وأنعما

تعاطيتُ فيه الراح تمزج باللمى
وعفراء سكرى المقلتين كأنّما

سقتها الندامى من سلافة أشعاري

لهوتُ بها والدهر مستعذب الجنى
ونلتُ كما أهوى بوصلي لها المنى

ولم أنسها كالغصن إذ مال وانثنى
تمرُّ مع الأتراب بالخَيف من مِنى

مرورَ المعاني في مفاوز أفكاري

وبيضٍ عذارى من لؤيٍّ وغالب
كواعبَ أترابٍ فيا للكواعب

تخطِّينَ في أبهى خطاً متقارب
وَعَفَّين آثار الخُطا بذوائبِ

كما قَد عَفَتْ في منزل الذلِّ آثاري

إذا نظرتْ سلَّت بألحاظها الظبا
وإنْ خَطَرت كانت كما خطر القنا

فما نظرَتْ إلاَّ بأبيض يُنتضى
ولا خَطَرَتْ إلاَّ وتذكّرتُ في الوغى

بهام خطير القدر ميلة خطّاري

كأنّي بها ما بين أختٍ وضرّة ٍ
إليَّ بأسرار الغرام أسرَّتِ

أضميتْ كضيمي بين قومي وأسرتي
ومِن ضَيْمها كادَت تبيحُ طمرَّتي

من الضَّيْم ما أَخْفَيْتُه تحت أطماري

أمضَّ هواها في فؤادي وما حوى
سوى حبّها حتى أليم فما ارعوى

وقد سألتْ عمَّا ألاقي من الجوى
فَرُحْتُ إليها أشتكي مضض الهوى

كما شكتِ الأقلامٌ مني إلى الباري

رَأَتْ فَتَياتُ الحيّ عَيني وَوَبْلَها
فأكثرنَ بالتأنيب إذ ذاك عذلها

فَرُحْتُ وقَد أجْرَت لها العينُ سَيلَها
وجاراتها راحتْ مؤنِّبة لها

على ما جرى في السفح من مدمعي الجاري

أَهيمُ بمرآها وحسن قوامها
وإنّي لمعذورٌ بمثل هيامها

وكم ليلة ٍ قد بِتُّ جنح ظلامها
يسامرني طول الدجى من غرامها

سميرٌ أُناغي في معانيه سُمّاري

إذا قربتْ من ناظري أو تأخَّرتْ
ففي صورة الشمس المنيرة صوِّرتْ

متى أسفرتْ عن وجهها أو تستَّرتْ
على قربها منّي إذا هي أسفرتْ

يباعدُ منها الحسنُ ما بين أسفاري

لها مقلة ٌ كالمشرفيِّ شباتُها
لعقيدة صَبري أوهَنَتْ نفثاتُها

إذا ما رَنَتْ أو رُتّلت كلماتها
لرقّة ِ سحري تنتمي لحاظاتها

وألفاظها نعزي لرقَّة أشعاري