وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا - عبد الغفار الأخرس

وعدتُّنَّ طرفي بالخيالِ وصالا
وانجازُكُنَّ الوَعْد كان مطالا

وإنّي لأرضى بالأماني تَعِلَّة ً
وأقنعُ ما كان الوصال خيالا

فبتُّ أذيلُ الدمع ينهلُّ صوبه
وما زال دمع المستهام مذالا

وفي القلب من نار الجوى ما يذيبه
كأنَّ به مما أَجِنُّ ذبالا

ولي كَبِدٌ حرّى تَوَدُّ لو کنَّها
تصادف من ري الحبيب بلالا

وأنتِ شفائي يا أميمُ وإنّني
أعالجُ داءً في هواكِ عضالا

فليتك يومَ الجزع كنتِ عليمة ً
بما قلت للاّحي عليكِ وقالا

ويومٍ كحرِّ القلبِ من ألم النوى
تفيَّأتُ من سمر الرماح ظلالا

ببيداء لا تهدى القطا في فجاجها
ولا وطئت فيها السماءُ رمالا

فانسني فيها ادِّكاركَ، والأسى
يحضّ عليك الدَّمعَ أنْ يتوالى

ولم أنسَ إدلاج الرفاق بليلة ٍ
يضلُّ بها النجمِ السبيلَ ضلالا

وقد سام فيها النوق سلوانها الغضا
أَلا لا تَسُمْهُنَّ السلوَّ ألا لا

نهضنَ بنا في المنجبات خفائفاً
تَحمَّلْنَ أعباءَ الهموم ثقالا

فظلَّتْ ترامى بالرجال توقُّصاً
وتنحطُّ من تحت الرجال كلالا

ولم تدرِ من فتيان عدنان أنَّها
حَمَلْنَ رجالاً أمْ حَمَلْنَ جبالا

إذا ذَكَرَتْ في الأبرقين مُنَاخَها
كما هِجْتَ في البيد القفار رئالا

أَما وفناءِ البيت يسمو ومن سعى
إليه وقد حثَّ المطيَّ عجالا

لئن بلَّغتني ما أحاولُ ناقتي
وردتُ بها ماءَ العذيب زلالا

وَنَشَّقْتُها رنْدَ الحمى وعَرارَهُ
يَضوعان ما مرَّ النسيمُ شمالا

ودار أناخ الركب فيها مطيَّهم
فكانت لهم تلك الرسوم عقالا

فظلَّ بها سعدٌ يكرُّ بطرفه
إليها ويسقيها الدموع سجالا

تسائلُ رسمَ الدار عن أمِّ سالمٍ
فهلاّ أفادتك الديار سؤالا

ألا بأبي سرباً تتنافرُ عينه
يميناً على رغم الهوى وشمالا

فما لمحت عيناي بعدُ غزالة ً
ولا اقتنص الليث الهصور غزالا

وما بالكنَّ اليوم إذ شاب مفرقي
وأصبحَ حَظي عندكنّ وبالا

هجرتنّني هجر الشبيبة بعدما
أظلَّ بها ظلُّ الشباب وزالا

وقد كان منكن الصدود على الهوى
دلالاً فأمسى صدُّكنَّ ملالا

مضى زمنٌ يا قلب ليس براجعٍ
نعمتُ به قبلَ المشيب وصالا

فلا تطلبنَّ الماضيات تصرَّمتْ
فليس بحالٍ أَنْ تَسُرَّك حالا

وإنَّك إنْ حاوَلْتَ حرّاً تصيبه
تطلَّبْتَ من هذا الزمان محالا

أقم في ذرا عبد الغنيّ وإنْ تشأ
فسرِّحْ إليه أنيقاً وجمالا

فما لبني الحاجات عن فضله غنى ً
وحسبُ الأماني موئلاً ومآلا

متى تقصر الأيدي عن الجود والندى
وَجَدْتَ أياديه الطوال طوالا

إباءٌ يضيم الضيمَ وهْوَ ممنّع
ويصفعُ من ريب الزمان قذالا

فلو أنصفته الأنجم الزهر قبلت
وحقّك أقداماً له ونعالا

عليك به طوداً من المجد باذخاً
وكم طاول المجد الأثيل فطالا

بأَصدق من ألقى المقالة لهجة
إليك وأعلى من رأيت فعالا

رحيب فناء العزّ ما ضاق ذرعه
إذا ضاق ذرعاً غيره ومجالا

وما ولدت أمُّ الليالي بمثله
وإنَّ الليالي لو نَظَرْتَ حبالى

من القوم كانوا والحوادث جمة
سيوفاً حداداً أرهفتْ ونصالا

يكفُّون للرزء المبرِّحِ أيدياً
إذا جال يوماً بالخطوب وصالا

تبارك من أعطاه بالناس رأفة ً
يرقّ بها، سبحانه وتعالى

فيا طالباً يمَّمته فبلغته
لأبلغ جاهاً من لدنه ومالا

فأقبلَ إقبال السحاب بجوده
عليّ فأمرى ماءه وأسالا

وإنّي إذا قلت القريضَ بمدحه
لأصدقُ من قال القريض مقالا

مغيثي إذا قلَّ المغيثُ وناصري
وإنْ عثر الجدّث العثور أقالا

لسانك والعضب اليمانيّ واحدٌ
إذا أقصرت عنه الفحول أطالا

وما لك ندٌ فيهم غير أنّني
رأيت لك البدرَ المنيرَ مثالا

وتلك سجاياك التي أنتَ نِلتَها
لقد أبعدتْ عن حاسديك منالا

تغيَّرتِ الدنيا وقد حال حالها
وما غيَّرتْ منك الحوادث حالا

ومن ذا الذي يرجى سواك ويتقى
نزالاً لعمري تارة ونوالا

لديك أبا محمود نلتمس الغنى
جميعاً ولم نبرح عليك عيالا

وما نحن إلاّ من نوالك سيّدي
كما أمطر الربعُ المحيلُ فسالا

ومنك ولم تبخل وإنَّك قادرُ
تَمنّى الدراري أنْ تكون خصالا

إذا هتف الداعي باسمِكَ فلتكن
لملتمسٍ يبغي جميلك فالا

ملأتَ قلوب العارفين بأسرها
حلالاً وعين الناظرين جمالا

إليكَ ولا منٌّ عليك قوافياً
إذا أمليتْ للبان طال ومالا

ولي فيك من حُرّ الكلام وصفْوهِ
قصائدُ تروي عن علاك خلالا

فكانت على جيد الزمان قلائداً
تلوح وفي بعض القلوب نبالا

تريك مراء القول فيما تقوله
حراماً وسحرَ البابليّ حلالا