مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا - عبد الغفار الأخرس

مَن يحاول في الدهر مجداً أثيلا
فليجّرد له الحسامَ الصقيلا

جعل السيف ضامناً وكفيلاً
لبني المجد فاتخذه مقيلا

وإذا ما سلكت ثم سبيلاً
فاجعل السيف هادياً ودليلا

عرّفتكم حوادث الدهر أمراً
كان من قبل هذه مجهولا

كشفت عن ضمائر تضمر الغدر
وتبدي وفاءها المستحيلا

وإذا لم تجد خليلاً دفياً
فاعلم أنَّ الحسام أوفى خليلا

طالما عرّف الزمان بقوم
بدّلتهم خطوبه تبديلا

لا تبلّ الغليل ما عشت منهم
أو يبلّ الصمصام فيهم غليلا

وإذا لم يكن لحلمك أهل
فمن الحلم أنْ تكون جهولا

لا أرى فعلك الجميل بمن لم
يرع عهداً من الجميل جميلا

رضي الله عنك أغضبت قوماً
ما أرادوا غير الفساد حصولا

فلبئس القوم الذين أرادوا
بك من سائر الأنام بديلا

وسعوا في خرابها فاستفادوا
أملاً خائباً وعوناً خذولا

ويميناً لو يملكوها علينا
تركوها معالماً وطلولا

إنّما حاولوا أمانيَّ نفس
حملتهم إذ ذاك عبئاً ثقيلا

ربما غرّت المطامع قوماً
غادرت منهم العزيز ذليلا

أمَّلوا والمحال ما أمّلوه
سؤدداً عنك فيهم لن يحولا

لم ينالوا ما نلت من رفعة القدر
ولو جيء بالجيوش قبيلا

أجمَعوا أمْرَهُم ولله أمرٌ
كان من فوق أمرهم مفعولا

ثم لما جاؤوا إليكم سراعاً
نزلوا عن مرابض الأسد ميلا

فعبرتم نهر المجرة مخلين
مكاناً لهم عريضاً طويلا

نزلوا منزل الشيوخ وتأبى
شفرة السيف أن يكونوا نزولا

ثم لم يلبثوا خلافك في الدار
كما يشتهون إلاّ قليلا

رحلتها عنهم سيوف حداد
ورجال تعبي الرجال الفحولا

إنْ تصادم بها قواعد رضوى
أوشكت في صدامهم أن تزولا

بذلت نفسها لديك ورامت
منك في بذلها الرضا والقبولا

كلّما استلت المهندة البيض
أسالت من الدماء سيولا

فتركت الأعداء ترتقب الموت
منالرعب بكرة وأصيلا

وملأت الأقطار بالخيل والرَّجل
صليلاً مريعة وصهيلا

إنّ يوماً عبرت فيه عليهم
فتنادت عنك الرحيل الرحيلا

هربوا قبل أن يروا صولة الليـ
يث وإن يشهروا دماً مطولا

يوم كان الفرار أهونَ من أنْ
تستبيح السيوف منها قتيلا

ذلّ من لا يرى المنيّة عزّاً
في سبيل العلى وعاش ذليلا

لو أقاموا فيها ولو بعض يوم
لأخذت الأعداء أخذاً وبيلا

ولأكثرت فيهم القتل والسَّبـ
ـي ومثّلتهم بها تمثيلا

وتركت النساء ثكلى أيامى
تكثر النوح بعدهم والعويلا

إنَّ لله حكمة ً حيّرت فيك

بلغتك الأقدار ما كنت تبغيه
وكفّت عدوّك المخذولا

وشفيت الصدور منا فقلنا
صحّ جسم العلى وكان عليلا

أيّد الله فارس بن عجيل
مثل ما أيّد الإله عجيلا

وبما رحمةة منالله حلّت
بلغ اليوم آمل مأمولا

أمِنَ الخائفون في ظلِّ قوم
منع الخطب بأسه أنْ يصولا

عاد للملك حافظاً ومن
على الناس ستره المسبولا

كلما كرّ كرّة ً بعد أخرى
بعث الرعب في القلوب رسولا

ما ثناه عن المكالام ثانٍ
وأبى أن يرى الكريم بخيلا

يقتفي إثْرَ جَدِّه وأبيهِ
وكذا تتبع الفروع الأصولا

فهنيئاً لكم معارج للمجد
شباباً تسمونها وكهولا

رفعة في العلاء أورثتموها
من قديم الزمان جيلاً فجيلا

والمعالي لا ترتضي حيث شاءت
غير أكفائها الكرام بعولا

إنَّ أسلافكم إذا خطبوها
جعلوا مهرها قناً ونصولا

قد بذلتم من النضار سيولا
وجررتم من الفخار ذيولا

لا تنال العداة منكم مراماً
افيرجون للنجوم وصولا

كيف تدنو منكم وأنتمْ أسودٌ
ما اتخذتم غير الأسنة غيلا

فإذا ما ادَّعيتم الفخر يوماً
فكفى بالقنا شهوداً عدولا

قد خلقتم صبابة في المعالي
صبوة الصب ما أطاع العذولا

فانتشيتم وللهوى نشوات
فكأني بكم سقيتم شمولا

لابرحتم مناهلاً ترد العا
فون من عذب وردها سلسبيلا

وبقيتم مدى الزمان وأبقيتم
حديثاً عن بأسكم منقولا