هَلُمَّا نُقَضِّي الفَرْضَ لِلأَجْرَعِ الفَرْدِ - عفيف الدين التلمساني

هَلُمَّا نُقَضِّي الفَرْضَ لِلأَجْرَعِ الفَرْدِ
بِوِرْدِ المَطَايَا مَنْهَلَ المَدْمَعِ الوَرْدِ

فَفِي مِثْلَ هذا السَّفْحِ يُبْرِدُ عَاشِقٌ
حَشَاهُ بِسَفْحِ الدَّمْعِ في مَسْحَبِ البُرْدِ

وَقَفْنَا بِرَبْعِ العامِرِيةَِّ مَوْقِفاً
بِهِ الحُرُّ مَبذُولُ الحَشَاشَةِ كالعَبْدِ

سُكَارَى خَيَارَى أَعْيُنِ فَكَأنَّمَا
أَضَلَّ بِنَا حَادٍ مُجِدٍّ عَنِ القَصْدِ

وَفِي الحَيِّ غَيْرَانُونَ كَادَتْ نُفُوسُهُمْ
تَمَّيزُ مِنْ غَيْظٍ عَلَيْنَا وَمِنْ حِقْدِ

وَمَا ذَاكَ إِلاَّ غَيْرَةً منْ حُلُولِنَا
بِلَيْلَى مَحْلَ المُكْرَمِينَ مِنَ الوَفْدِ

وَلَمَّا عَرَفْنَا عَرْفَهَا نَزَّهَ الهَوى
شَذَا عُرْفِهَا النِّدِّي عَنْ وِجْهَهِ النِّدِّ

فَلَمْ نَرَ إلاَّ أَوْجُهاً عَرَبِيَّةً
عَلى العُرْبِ عُجْمَ اللَّفْظِ مِنْ شِدَّةِ الوَجْدِ

وَكَمْ كَبِدٍ حَرَّى تُكَابِدُ مَا بِهَا
وَصَفْحَةِ خَدٍّ فِيْهِ للدَّمْعِ كَمْ خَدِّ

وَكَمْ ثَّمَّ جِيدٍ للرِّنَا لَيْسَ عَاطِلاً
ضَمَمْنَا عَلَيْهِ الَّثْمَ عِقْداً على عِقْدِ

وَلَم يَدَعِ الوَرْقَاءَ لِلَّنْوحِ وَحْدَهَا
فَتَىً قَائلاً إِنِّي المُعَنَّى بِهَا وَحْدِي

ومِتْنَا لَهَا طُوْلَ الحَيَاةِ وقَدْ بَدَتْ
عَلَى عَهْدِهَا والرَّسْمُ فِي الرَّسْمِ والعَهْدِ

فَمَنْ يَرَ بُدَاً مِنْ فَنَاهُ فَلَيْسَ مِنْ
فَنَاءٍ رَعَاكَ اللهُ يَا سَعْدُ منْ بُدِّ

وَمَنْ يَرَ عَنْهَا البُعْدَ يَقْتُلُ فَالَّذِي
أَرَى أَنَّ قَتْلَ القُرْبِ أَرْجَى مِنَ البُعْدِ

فَيَبْقَى الَّذِي مَعْنَى البَقَاءِ لِوَجْهِهِ
دَوَاماً وَيَفْنَى مَنْ بَقَاهُ إلى حَدِّ