أَيُنْكِرُ الوَجْدُ أَنِّي فِي الهَوىَ شَحِبُ - عفيف الدين التلمساني
أَيُنْكِرُ الوَجْدُ أَنِّي فِي الهَوىَ شَحِبُ
                                                                            وَدُونَ كُلِّ دُخَانٍ سَاطِعٍ لَهِبُ
                                                                    وَمَا سَلَوتُ كَمَا ظَنَّ الوِشَاةُ وَلاَ
                                                                            أَسْلُو كَمَا يَتَرجَّى العَاذِلُ التَّعِبُ
                                                                    فَإِنْ بَكَى لِصَبَابَاتِي عَذُولُ هَوىً
                                                                            فَلى بِمَا مِنْهُ يَبْكِى عَاذِلي طَرَبُ
                                                                    نَاشَدْتُكَ الَّلهَ يَا رُوحي اذْهُبَى كَلَفاً
                                                                            بِحُبِّ قَوْمٍ عَنِ الجَرْعَاءِ قَدْ ذَهَبُوا
                                                                    لاَ تَسْأَلِيْهُمْ ذِمَاماً فِي مَحَبَّتِهمْ
                                                                            فَطَالَمَا قَدْ وَفَا بِالذِّمَةِ العَرَبُ
                                                                    هُمْ أَهْلُ وُدِّي وَهَذَا وَاجِبٌ لَهُمُ
                                                                            وَإِنَّمَا وُدهُمْ لي فَهْوَ لاَ يَجِبُ
                                                                    هُمْ أَلْبَسُونِي سِقَاماً مِنْ جُفُونِهِمُ
                                                                            أَصْبَحْتُ أَرْفُلُ فِيهِ وَهْوَ يَنْسَحِبُ
                                                                    وَصَيَّرَتْ أَدْمُعي حُمْراً خُدُودُهمُ
                                                                            فَكَيْفَ أَجْحَدُ مَا مَنُّوا وَمَا وَهَبُوا
                                                                    هَلِ السَّلاَمَةُ إِلاَّ أَنْ أَمُوتَ بِهِمْ
                                                                            وَجْداً وَإِلاَّ فبُقْيَاىَ هُوَ العَطَبُ
                                                                    إِنْ يَسْلُبُوا البَعْضَ مِنِّي فَالجَميعُ لَهُمْ
                                                                            وَإِنّ أَشْرفَ أَجْزَائِي الَّذِي سَلَبُوا
                                                                    لَوْ تَعْلَمُ العَذَبَاتُ المَايسَاتُ بِمَنْ
                                                                            قَدْ بَانَ عَنْهَا إِذَنْ مَا اخْضَرَّتِ العَذَبُ
                                                                    وَلَوْ دَرَى مَنْهُلُ الوَادِي الذَّي وَرَدُوا
                                                                            مَنْ وَارِدُوا مَائِهِ لاَهْتَزَّهُ الطَرَبُ
                                                                    إِنِّي لأَكْتُمُ أَنْفَاسِي إِذَا ذُكِرُوا
                                                                            كَليْلاَ يُحرِّقَهُمْ مِنْ زَفْرَتي اللَّهَبُ
                                                                    وَتُرْسِلُ الدَّمْعَ عَيْني فِي مَنَازِلِهِمْ
                                                                            كَيْلاَ تُسَابِقَهَا فِي سَحِّهَا السُّحُبُ
                                                                    كَذَا لِكُلِّ مُحِبٍّ غَيْرَةٌ لَهُمُ
                                                                            وَعِنْدَ كُلِّ غَيوُرٍ فِطْنَةٌ عَجَبُ
                                                                    أُسَائِلُ البَانَ عَنْ مَيْلِ النَّسِيمِ بِهِمْ
                                                                            سُؤَالَ مَنْ لَيْسَ يُدْرَى فِيهِ مَا السَّبَبُ
                                                                    وَتِلْكَ آثَارُ لِينٍ مِنْ قُدُودِهِمُ
                                                                            مَرَّتْ بِهَا الرِّيحُ فَاهْتَزَّتْ لَهَا القُضُبُ