أَيَا عَرَبَ الجَرْعَاءِ مَنْ أَيْمَنِ الشِّعْبِ - عفيف الدين التلمساني

أَيَا عَرَبَ الجَرْعَاءِ مَنْ أَيْمَنِ الشِّعْبِ
بِكُمْ لاَ بِشَيءٍ غَيْرِكُمْ شَغَفُ الصِّبَّ

أَلَمْ تَعِدُونَا أَنْ نَرَاكُمْ بِذِي الفَضَا
أَظُنُّكُمُ تَعْنَونَ أَنَّ الغَضَا قَلْبِي

غَرَاماً بِكُمْ والنَّارُ يَضْرمُهَا الصَّبَا
أَقَولُ عَلى نَارِي بِكُمْ لِلصَّبَا هُبِّي

وَوَجْدَاً إذا مِلْتُمْ إليَّ معَ الهَوَى
أقولُ اعتذاراً يَحْسُنُ الميلُ للقُضْبِ

وَإِنْ تُوقِدُوا نَارَ الحَرِيقِ فَكَمْ أَضَا
وَنَارُ فُؤادِي فِي حَشَا الْوَالِهِ الصِّبِّ

وَإِنْ تَجِدُوا بِالشِّعْبِ سَيْلاً وَلُجَةً
فَأَنْتُمْ بِمَجْرَى الدَّمْعِ يَا سَاكِني قَلْبِي

سَبَتْنَا الجُفُونُ البَابِليَّاتُ مِنْكُمُ
وَإِنَّ لُبَانَاتِ الُّلَباءَةِ فِي الحَبِّ

نُصَيْصٌ فَهلاَّ لِلرَقِيبَ وَعَاذِلٍ
لِكَيْمَا يَبِيتَا فِي عَذَابٍ وَفِي نَصْبِ

غَزَالُكُمُ ذَاكَ المُمَنَّعُ وَصْلُهُ
أَبَاحَ حِمى دَمْعِى وَبَالَغَ في نَهْبى

هُوَ الظَّبْىُ لاَ بَلْ صَائِدُ الظَّبْيِ لَحْظُهُ
وَيَا مَا أُحَيْلاَ الصَّيْدَ في شَرَكِ الهُدْبِ

حَلاَ لَحْظُهُ وَالمُرُّ فِي الحُبِّ وَصْلُهُ
وَلَمْ تَحْلُ حَتَّى مَرَّ فِي رِيقِهِ العَذْبِ

عَلَى عِطْفِهِ حَتَّى مِنَ الوُرْقِ غَيْرَتِي
أَلَمْ تَرَهَا هَاجَتْ عَلَى الغُصُنِ الرَّطْبِ

فَإِنْ ذَبَلَتْ أَجْفَانُهَا وَهْيَ نَرْجِسٌ
فَمِنْ طُوْلِ مَا أَدْمَنْتُ فِيهِنَّ مِنْ شُرْبِ

وَمِنْ عَجَبٍ وَهْىَ الكُؤُوُسُ فَمَا لَهَا
إِذَا كُسِّرَتْ صَحَّتْ وَدَارَتْ عَلى الشَّربِ

فَهَلْ عَوْدَةٌ فِي لَيْلَةٍ مِنْ ذَوَابَةٍ
عَنِ البَدْرِ مِنْ ظَلْمَائِهَا دَائِماً تُنْبى

تَرَقَّى بِهَا قَلْبِي إلى سِرِّ وَقْدِهِ
سَلاَمٌ على مَنْ تَحْتَهُ سُبَحُ الرَّطْبِ

أَرَادَ تَوَلَّى الحَلَّ وَالعَقْدَ عِنْدَهُ
فَجَارَ عَلَى المسَجْوُنِ مَنْ مُقْتَضَى الجَذْبِ

دَعَانيِ انْكِسَارُ الجَفْنِ مِنْهُ لِضَمَّةٍ
فَجَاوَبَنِي مَا لِلغُصُونِ سِوَى الهُضْبِ

وَغَرَّدْتُ تَغْرِيدَ الحَمَامِ تَوَصُّلاً
إليْهِ لِمَا بَيْنَ الحَمَائِمَ وَالقُضْبِ

وَقُلْتُ زَكَاةُ الحُسْنِ فَرْضاً فَقَالَ مَا
تَمِيلُ الغُصُونُ الوُرْقُ إلاَّ على النُّدْبِ