جَلَّ واللهِ ما دهاك وَعَزَّا - أبو الحسن الجرجاني

جَلَّ واللهِ ما دهاك وَعَزَّا
فعزاءً إن الكريمَ مُعَزَّى

والحصيفُ الكريم من إن أصابت
نكبةٌ بعد ما يَعزُّ يُعَزَّى

هي ما قد عَلِمتَ أحداثُ دَهرٍ
لم تدع عُدَّةً تُصانُ وكَنزا

قصدت دولةَ الخلافةِ جَهراً
فأبادت عمادَها والمعزا

وقديماً أَفنَت جَديساً وطَسماً
حفَّزَتهُم إلى المقابرِ حَفزا

أصغ والحظ ديارهم هل ترى من
أَحَد منهُمُ وتَسمَعُ رِكزا

ذهبَ الطِّرفُ فاحتسِب وتَصَبَّر
للرَّزايا فالحرُّ من يتعزَّى

فعلى مِثله استُطِير فؤادُ الحا
زمِ للنَّدبِ حسرةً واستُفزَّا

لم يَكُن يَسمحُ القيادَ على الهو
نِ ولا كان نافراً مُشمَئِزَّا

رُبَّ يومٍ رأيتُه بينَ جُردٍ
تتقفَّاه وَهوَ يجمِزُ جَمزا

وكأن الأبصارَ تعلق منه
بِحُسام يُهزُّ في الشَّمسِ هزَّا

وتراه يُلاعبُ العَينَ حَتَّى
تَحسَبَ العينُ أَنَّه يَتَهَزَّا

وسواءٌ عليه هجَّر أو أَس
رى أو انحَطَّ أو تَسنَّمَ نَشزَا

وكأن المِضمَارَ يبرُزُ منه
مَتنُ حِسي يَنِزُّ بالماءِ نزَّا

استراحت منه الوحوشُ وقد كا
ن يَرَاها فلا ترى منه حِرزا

كم غَزالٍ أنحى عليه وعَير
نالَ منه وكم تَصَيَّدَ فَزَّا

وصرُوفُ الزمانِ تَقصِدُ فيما
يستفيدُ الفتى الأعزُّ الأعزَّا

فإذا ما وَجَدتَ من جزعِ النَّك
بَة في القَلبِ والجوانح وَخزَا

فتَذَكَّر سَوَابقاً كان ذا الطَّ ر
ف إليهنَّ حين يُمدحُ يُعزَى

أين شقٌ وداحسٌ وضبيبٌ
غَمَزتها حوادتُ الدَّهرِ غَمزا

غُلنَ ذا اللِّمَّةِ الجواد ولَزَّت
ظرباً واللِّزَازَ والسَّكبَ لَزَّا

ولقد بَزَّتِ الوجيهَ ومكتُو
م بَنى أعصرٍ وأعوجَ بزَّا

وتَصَدَّت للاحقٍ فَرَمَته
وغرابٍ وزهدَمٍ فاستَفَزَّا

فاحمدِ الله إنَّ أهونَ تُر
زأُ ما كنتَ أنتَ فيه الُمعزَّى

قد رَثَينا ولم نُقَصِّر وبالغ
نا وفي البعض ما كفَاه وأجزى

ومن العدلِ أن تُثابَ أبا عي
سى على قَدرِ ما فعلنا ونُجزى