أُمنيةٌ كالانسحابْ - أمين الربيع

لو أنَّ لي ، أنْ يحمِلَ العُصفورُ ذاكِرتي ويمضي!
لو أنَّ لي، ما اختَرتُها..
لكِنْ إذا حدثَتْ ـ بقدرَةِ قادِرٍ ـ وفقدتُ كلَّ حصيلَتي
مِن ذكرياتٍ، مِن علومٍ، مِن مَعانٍ فاتِناتٍ،
مِن غريبِ الحِسِّ أو زَهوِ المَشاعِرْ..
لو أنَّ لي، ما اختَرتُها.. لكنْ إذا حدثَتْ ـ بقدرَةِ قادِرٍ ـ
هل يا تُرى سأظلُّ إنساناً وشاعِرْ؟!
هل سوفَ أرضى بالصَّداقاتِ القَديمَةِ نَفسِها؟
هل سوفَ أُفتَنُ بالكَواعِبِ ذاتِهنَّ وانتَشي
مِنْ بسمَةٍ شَرَدَتْ بأُفْقي؟
هل ذوقيَ المشدودُ للألوانِ قاتِمِها هنا سيكونُ ذَوقي؟
لو أنَّ لي، ما اختَرتُها.. لكِنْ إذا حَدَثَتْ ـ بقدرَةِ قادِرٍ ـ
مَن سوفَ أشطبُ مِن حياتي هاهنا، مَنْ سوفَ أُبقي؟!
**
لو أنَّ لي أنْ يحملَ العصفورُ ذاكرتي ويمضي..
لو أنَّ لي، ما اختَرتُها..
لكنْ إذا حدثتْ ـ بقدرَةِ قادِرٍ ـ وفقدتُ كُلَّ حصيلَتي،
مَنْ سوفَ يحضنني بتمويهِ البياضِ؟
مَن سوفَ يفصِلُ بينَ غَلوائي ورائِدةِ انتِفاضي؟
مَن سوفَ يدرِكُ ثابتي، مَن سوفَ يفهَمُ ما انتِقاضي؟!
لو أنَّ لي ما اختَرتُها.. لكنْ إذا حدثتْ ـ بقدرَةِ قادِرٍ ـ
هل سوفَ أفقُدُ مَن (أنا) أم سوفَ يُعجِبني انقِراضي ؟!
**
لو أنَّ لي أنْ تَدفَعَ الأحلامُ أيامي قليلا..
مِئَةً مِن السنواتِ أقضيها قتيلا!
مِئةً ، ثلاثاً ، لا يَهُمُّ عُزيرَ كُنتُ مُمدَّداً
أم مِن نيامِ الكَهْفِ نَعْتي، ما يَهُمُّ الوَثبُ في كُنهِ الزَّمانِ
حمامَةً تَبِعَتْ هَديلا..
**
لو أنَّ لي دوراً حياديَّاً بإقرارِ الوَقائِعِ
وانتِخابِ بَديلِها..
لصَرَفتُ عن قلبي ضَبابَ توقُّعي
ومَسَحتُ بالبالِ الرَّخيِّ ظلامَ طولِ سبيلِها!
**
لو أنَّ لي أنْ أستريحَ من الحياةِ وذِلَّةِ استجدائِها..
لو أنَّ لي أنْ لا أُفكِّرَ بانغِلاقاتِ الرؤى وفَضائِها..
لو أنَّ لي مَحوَ الحروفِ وظلِّها
مِن شَرقِ فسحةِ (باءِها) لدقيقِ غُربَةِ (حاءِها) !
لو أنَّ لي رَدَّ المَرارِ إلى الأواتي واتِّهام مَضائها..
لو أنَّ لي .. ما اختَرتُها!
فلتأتِ كيفَ تُريدُ لستُ أردُّها
فلكَم أُصارِعُ في الطَّريقِ تَشبُّثي
ولكم أُسَرُّ لنشوةِ استِهزاءِها ..