أشاقتكَ خلاقُ الرُّسومِ الدَّواثرُ - ذو الرمة
أشاقتكَ خلاقُ الرُّسومِ الدَّواثرُ
                                                                            بأدعاصِ حوضى المعنقاتُ النَّوادرُ
                                                                    لِمَيٍّ كَأَنَّ الْقَطْرَ وَالرَّيحَ غَادَرَا
                                                                            وحولاً على جرعائها بدرَ ناشرِ
                                                                    أهاضيبُ أنواءٍ وهيفاءَ جرتا
                                                                            على الدَّارِ أعرافِ الحبالِ الأعافرِ
                                                                    وثالثة ٌ تهوي منَ الشَّامِ حرجفٌ
                                                                            لها سننٌ فوقَ الحصى بالأعاصرِ
                                                                    وَرَابِعَة ٌ مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ أَجْفَلَتْ
                                                                            عَلَيْهَا بِدَقْعَآءِ الْمِعَى فَقُرَاقِرِ
                                                                    فَحَنَّتْ بِهَا النُّكْبُ السَّوَافِي فَأَكْثَرَتْ
                                                                            حَنِينَ اللِّقَاحِ الْقَارِبَاتِ الْعَوَاشِرِ
                                                                    فَأَبْقَيْنَ آيَاتٍ يَهِجْنَ صَبَابَة ً
                                                                            وَعَفَّيْنَ آيَاتٍ بِطُولِ التَّعَاوُرِ
                                                                    نَعَمْ هَاجَتِ الأطْلاَلُ شَوْقاً كَفَى بِهِ
                                                                            منَ الشَّوقِ إلاَّ أنَّهُ غيرَ ظاهرِ
                                                                    فَمَا زِلْتُ أَطْوِي النَّفْسَ حَتَّى كَأَنَّهَا
                                                                            بِذي الرّمْثِ لَمْ تَخْطُرْ عَلَى بَالِ ذَاكِرِ
                                                                    حياءً وإشفاقاً منَ الرَّكبِ أنْ يروا
                                                                            دَلِيلاً عَلَى مُسْتَودَعَاتِ السَّرَائِرِ
                                                                    لمية َ إذا ميٌّ معانٌ تحلَّهُ
                                                                            فِتَاخٌ فَحُزْوَى فِي الْخَلِيطِ الْمُجَاوِرِ
                                                                    إذا خشيتْ منهُ الصَّريمة َ أبرقتْ
                                                                            لهُ برقة ً منْ خلِّبٍ غيرِ ماطرِ
                                                                    وَكَانَتْ كِنَازَ اللَّحْمِ أَوْرَى عِظَامَهَا
                                                                            على أمِّ خشفٍ منْ ظباءِ المشافرِ
                                                                    تَثَوَّرَ فِي قَرْنِ الضُّحَى مِنْ شَقِيقَة ٍ
                                                                            فَأَقْبَلَ أَوْ مِنْ حِضْنِ كَبْدَاءَ عَاقِرِ
                                                                    حُزَاوِيَّة ٌ أَوْ عَوْهَجٌ مَعْقُليَّة ٌ
                                                                            ترودُ بأعطافِ الرِّمالِ الحرائرِ
                                                                    رأتْ راكباً أو راعها لفواقهِ
                                                                            صويتٌ دعاها منْ أعيَّسَ فاترِ
                                                                    إِذَا اسْتَوْدَعَتْهُ صَفْصَفاً أَوْ صَرِيمَة ً
                                                                            تَنَحّتْ وَنَصَّتْ جِيدَهَا بِالْمَنَاظِرِ
                                                                    حذاراً على وسنانَ يصرعهُ الكرى
                                                                            بِكُلّ مَقِيلٍ عَنْ ضِعَافٍ فَوَاتِرِ
                                                                    إِذَا عَطَفَتْهُ غَادَرَتْهُ وَرَآءَهَا
                                                                            بِجَرْعَآءَ دَهْنَاوِيَّة ٍ أَوْ بِحَاجِرِ
                                                                    وَتَهْجُرُهُ إِلاَّ اخْتِلاَساً نَهَارَهَا
                                                                            وَكَمْ مِنْ مُحِبٍّ رَهْبَة َ الْعَيْنِ هَاجِرِ
                                                                    حذارَ المنايا خشية َ أنْ يفتنها
                                                                            بِهِ وَهْيَ إِلاَّ ذَاكَ أضْعَفُ نَاصِرِ
                                                                    وَيَوْمٍ يُظِلُّ الْفَرْخُ فِي بِيْتِ غَيْرِهِ
                                                                            لهُ كوكبٌ فوقَ الحدابِ الظَّواهرِ
                                                                    تَرَى الرَّكْبَ فِيهِ بِالْعَشِيِّ كَأَنَّمَا
                                                                            يُدَانُونَ مِنْ خَوْفٍ خَصَاصَ الْمَحَاجِرِ
                                                                    تلثَّمتُ فاستقبلتهُ ثمَّ مثلهُ
                                                                            ومثليهِ خمساً وردهُ غيرَ قادرِ
                                                                    وماءِ كماءِ السُّخدِ ليسَ لجوفهِ
                                                                            سَوَآءَ الْحَمَامِ الْوُرْقِ عَهْدٌ بِحَاضِرِ
                                                                    صرى آجنٌ يزوي لهُ المرءُ وجههُ
                                                                            لو ذاقهُ الظَّمآنُ في شهرِ ناجرِ
                                                                    وَرَدْتُ وَأَغبَاشُ السَّوَادِ كَأَنَّهَا
                                                                            سَمادِيرُ غَشْيٍ فِي الْعُيُونِ النَّوَاظِرِ
                                                                    بركبٍ سروا حتى كأنَّ اضطرابهمْ
                                                                            عَلَى شُعَبِ الْمَيْسِ اضْطِرَابُ الْغَدائِرِ
                                                                    تَعَادَوْا بِيَهْيَا مِنْ مُدَارَكَة ِ السُّرَى
                                                                            على غائراتِ الطَّرفِ هدرُ المشافرِ
                                                                    كأنَّا تغنِّي بيننا كلَّ ليلة ٍ
                                                                            جَدَاجِدُ صَيْفٍ مِنْ صَرِيرِ الْمَآخِرِ
                                                                    على رعلة ٍ صهبِ الذّفارى كأنَّها
                                                                            قطاً باصَ أسرابَ القطا المتواترِ
                                                                    شججنَ السُّرى حتى إذا قالَ صحبتي
                                                                            وَحَلَّقَ أَرْدَافُ النَّجُومِ الْغَوآئِرِ
                                                                    كَأَنَّ عَمُودَ الصُّبْحِ جِيدٌ وَلَبَّة ٌ
                                                                            وراءَ الدُّجا منْ حرَّة ِ اللَّونِ حاسرِ
                                                                    جَنَحْنَ عَلَى أَجْوَازِهِنَّ وَهَوَّمُوا
                                                                            سحيراً على أعضادهنَّ الأياسرُ
                                                                    ألاَ خَيَّلَتْ خَرْقَآءُ بِالْبِينِ بَعْدَمَا
                                                                            مَضَى اللَّيْلِ إِلاَّ خَطَّ أْبْلَقَ جَاشِرِ
                                                                    سرتْ تخبطُ الظَّلماءَ منْ جانبي قساً
                                                                            فأحببْ بها منْ خابطِ اللِّيلِ زائرِ
                                                                    إِلَى فِتْيَة ٍ مِثْلِ السُّيُوفِ وَأَيْنُقٍ
                                                                            ضوامرَ منْ آلِ الجديرِ وداعرِ
                                                                    جذبنَ البرى حتى شدفنَ وأصعرتْ
                                                                            أنوفُ المهارى لقوة ً في المناخرِ
                                                                    وفِي الْمَيْسِ أَطْلاَحٌ تَرَى فِي خُدُودِهَا
                                                                            تلاعاً لتذارفِ العيونِ القواطرِ
                                                                    وَكَائِنْ تَخَطَّتْ نَاقَتِي مِنْ مَفَازة ٍ
                                                                            وَكَم زَلَّ مِنْ جُحَافِ الْمَقَادِرِ
                                                                    وَكَمْ عَرَّسَتْ بَعْدَ السُّرَى مِنْ مُعَرَّسٍ
                                                                            فَمَا زِلْتُ أَطْوِي النَّفْسَ حَتَّى كَأَنَّهَا
                                                                    إذا اعتسَّ فيهِ الذِّئبُ لمْ يلتقطْ بهِ
                                                                            منَ الكسبِ إلاَّ مثلَ ملقى المشاجرِ
                                                                    حِذَارَ الْمَنَايَا رَهْبَة ً أَنْ يَفُتْنَهَا
                                                                            مُعَرَّسُ خَمْسٍ مِنْ قَطاً مُتَجاوِرِ
                                                                    وَقَعْنَ اثْنَتَيْنِ واثْنَتَينِ وَفَرْدَة ً
                                                                            حَرِيداً هِيَ الْوُسْطَى بِصَحْرَآءَ حَائِرِ
                                                                    وَمَغْفَى فَتى ً حَلَّتْ لَهُ فَوْقَ رَحْلِهِ
                                                                            ثَمَانِيَة ً جُرْداً صَلاَة ُ الْمَسَافِرِ
                                                                    وبينهما ملقى ً زمامٍ كأنَّهُ
                                                                            فِتَاخٌ فَحُزْوَى فِي الْخَلِيطِ الْمُجَاوِرِ
                                                                    سوى وطأة ٍ في الأرضِ منْ غيرِ جعدة ٍ
                                                                            ثَنَى أَخْتَهَا فِي غَرْزِ عَوْجَآءَ ضَامِرِ
                                                                    وَمَوْضِعِ عِرْنينٍ كَرِيمٍ وَجَبْهَة ٍ
                                                                            إِلَى هَدَفٍ مِنْ مُسْرعٍ غَيْرِ فَاجِرِ
                                                                    طَوَى طَيَّة ً فَوْقَ الْكَرَى جَفْنَ عَيْنهِ
                                                                            عَلَى رَهَبَاتٍ مِنْ جَنَانِ الْمُحَاذِرِ
                                                                    قليلاً كتحليلِ الألى ثمَّ قلَّصتْ
                                                                            بهِ شيمة ٌ روعاءُ تقليصَ طائرِ
                                                                    إِلَى نِضْوَة ٍ عَوْجَآءَ واللَّيْلُ مُغْبِشٌ
                                                                            مَصَابِيحَهُ مِثْلَ الْمَهَا وَالْيَعَافِرِ
                                                                    قَدِ اسْتَبْدَلَتْ بِاْلِحلْمِ جهْلاً وَرَاجَعَتْ
                                                                            وثوباً سديداً بعدَ وثبٍ مبادرِ
                                                                    وَكَانَتْ كِنَازَ اللَّحْمِ أَوْرَى عِظَامَهَا
                                                                            بوهبينَ آثارُ العهادُ البواكرِ
                                                                    فَمَا زِلْتُ أَكْسُو كُلِّ يَوْمٍ سَرَاتَهَا
                                                                            خَصَاصَة مَعْلُوفٍ مِنْ الْمِيْسِ قَاتِرِ
                                                                    وأرمي بها الأهوالَ حتى أحلتها
                                                                            وسوَّيتها بالمحرثاتِ الحدابرِ
                                                                    وَصَارَتْ وبَاقِي الْنَّقْي مِنْ خَلْفِ عَيْنَها
                                                                            وَكَم زَلَّ مِنْ جُحَافِ الْمَقَادِرِ
                                                                    إذا حثَّهنَّ الرَّكبُ في مدلهمَّة ٍ
                                                                            أَحَادِيِثُهَا مِثْلُ اصْطِخَابِ الصَّرَآئِرِ
                                                                    تياسرنَ عنْ جديِ الفراقدِ في السُّرى
                                                                            ويامنَّ شيئاً عنْ يمينِ المغاورِ
                                                                    حَرَاجِيجُ أَشْبَاهٌ علَيْهِنَّ فِتْيَة ٌ
                                                                            بأوطانِ أهليهمْ وحوشُ الأباعرِ
                                                                    يحلَّونَ منْ وهبينَ أو منْ سويقة ٍ
                                                                            مشقَّ السَّوابي عنْ أنوفِ الجآذرِ
                                                                    أَعَارِيبُ طُورِيُّونَ مِنْ كُلِّ قَرْيَة ٍ
                                                                            يحيدونَ عنها منْ حذارِ المقادرِ
                                                                    لِمَيَّة َ إِذْ مَيٌّ مَعَانٌ تَحُلُّهُ
                                                                            على كلِّ هولٍ منْ جنانِ المخاطرِ
                                                                    أَقُولُ بِذِي الأَرْطَى لَهَا إِذْ رَحَلْتُهَا
                                                                            لِبَعْضِ الْهُمُومِ الِّنازِحَاتِ الْمَزَاوِرِ
                                                                    عَشِيَّة َ حَنَّتْ فِي زِمَامِي صَبَابَة ً
                                                                            إِلَى إِبِلٍ تَرْعَى بِلاَدَ الْجَآذِرِ
                                                                    سَتَسْتَبْدِلِينَ الْعَامَ إِنْ عِشْتُ سَالِماً
                                                                            إِلَى ذَاكَ مِنْ إِلْفِ الْمَخَاضِ الْبَهَازِرِ
                                                                    قلوصينَ عوجاوينَ بلَّى عليهما
                                                                            هَواءُ السُّرَى ثُمَّ اقِتْرَاحَ الْهَوَاجِرِ
                                                                    مَنَنَّاهُمَا بِالْخِمْسِ وَالْخِمْسِ قبْلَهُ
                                                                            وَبِالْحَلّ وَالتَّرْحَالِ أيَّامَ نَاجِرِ
                                                                    وَبِالسَّيْرِ حَتَّى مَا تَحِنَّانِ حَنَّة ً
                                                                            إِلَى قَارِبٍ آتٍ وَلاَ إِثْرِ صَادِرِ
                                                                    حِذَارَ الْمَنَايَا رَهْبَة ً أَنْ يَفُتْنَهَا
                                                                            بِلاَ زَمِّ تَقْيِيدٍ وَلاَ صَوْتِ زَاجِرِ
                                                                    طَوَيْنَاهُمَا حَتَّى إِذَا مَا أُنِيخَتَا
                                                                            مُنَاخاً هَوَى بَيْنَ الْكُلَى وَالْكَرَاكِرِ
                                                                    أراني إذا ما الرَّكبُ جابوا تنوفة ً
                                                                            تُكَسَّرُ أَذْبَابُ الْقِلاَصِ الْعَوَاسِرِ
                                                                    كَأَنَّي كَسَوْتُ الرَّحْلَ أَخْنَسَ أَقْفَرَتْ
                                                                            لَهُ الزُّرْقُ إِلاَّ مِنْ ظِبَآءٍ وَبَاقِرِ
                                                                    أحمَّ الشَّوى فرداً كأنَّ سراتهُ
                                                                            سنا نارِ محزونٍ بهِ الحيُّ ساهرُ
                                                                    نَمَى بَعْدَ قَيْظٍ قَاظَهُ بِسُوَيْقَة ٍ
                                                                            عليهِ وإنْ لمْ يطعمْ الماءَ قاصرِ
                                                                    إلِى َ مُسْتَوَى الْوَعْسَاءِ بَيْنَ حُمَيِطٍ
                                                                            وبينَ حبالِ الأشميمنِ الحوادرِ
                                                                    فظلَّ بعيني قانصِ كانَ قصَّهُ
                                                                            منَ المغتدى حتى رأى غيرَ ذاعرِ
                                                                    يرودُ الرُّخامى لا يرى مسترادهُ
                                                                            بِبَلُّوقَة ٍ إِلاَّ كَبِيرُ الْمَحَافِرِ
                                                                    يَلُوحُ إِذَا أَفْضَى وَيَخْفَى بَرِيقُه
                                                                            إذَا مَا أَجَنَّتْهُ غُيُوبُ الْمَشَاعِرِ
                                                                    فَلَمَّا كَسَا اللَّيْلُ الشُّخُوصَ تَحَلَّبَتْ
                                                                            عَلَى ظَهْرِهِ إِحْدَى َ اللَّيَالِي الْمَوَاطِرِ
                                                                    وَهَاجَتْ لَهُ مِنْ مَطْلَعِ الشَّمْسِ حَرْجَف
                                                                            تَوَجَّهُ أَسْبَاطَ الْحُقُوفِ التيَاهِرِ
                                                                    وقدْ قابلتهُ عوكلاتٌ عوانكٌ
                                                                            رُكَامٌ نَفَيْنَ النَّبْتَ غَيْرَ الْمَآزِرِ
                                                                    تُنَاصِي أعَالِيهِنَّ أَعْفَرَ حَابِياً
                                                                            كقرمِ الهجانِ المستشيطِ المخاطرِ
                                                                    فَأَعْنَقَ حَتَّى اعْتَامَ أَرْطَاة َ رَمْلَة ٍ
                                                                            مُحَفَّفَة ً بِالْحَاجِزَاتِ السَّوَاتِرِ
                                                                    فَبَاتَ عَذُوباً يَحْدُرُ الْمُزْنُ مَآءَهُ
                                                                            عَلَيَّهِ كَحْدرِ اللُّؤلُؤِ الْمُتَنَاثِرِ