قلْ للمليحة ِ: قد أبلتنيَ الذكرُ، - عمر ابن أبي ربيعة

قلْ للمليحة ِ: قد أبلتنيَ الذكرُ،
فَکلدَّمْعُ كُلَّ صَبَاحٍ فِيكِ يَبْتَدِرُ

فَلَيْتَ قَلْبي وَفِيهِ مِنْ تَعَلُّقِكُمْ
ما لَيْسَ عِنْدي لَهُ عِدْلٌ وَلاَ خَطَرُ

أفاقَ، إذ بخلت هندٌ، وما بذلتْ
مَا كُنْتُ آمُلُهُ مِنْها وأَنْتَظِرُ

وَقَدْ حَذِرْتُ النَّوَى في قُرْبِ دَارِهِمُ
فَعِيلَ صَبْري وَلَمْ يَنْفَعْنيَ الحَذَرُ

قد قلتُ، إذ لم تكن للقلبِ ناهية ٌ
عَنْها تُسَلِّي وَلاَ لِلْقَلْبِ مُزْدَجِرُ

يَا لَيْتَني مِتُّ إذْ لَمْ أَلْقَ مِنْ كَلَفي
مفرحاً، وشآني نحوها النظر

وشاقني موقفٌ بالمروتينِ لها،
والشَّوْقُ يُحْدِثُهُ لِلعاشِقِ الفِكَرُ

وقولها لفتاة ٍ غيرِ فاحشة ٍ:
أَرَائِحٌ مُمْسِياً أَمْ بَاكِرٌ عُمَرُ

اللَّه جَارُ لهُ إمَّا أَقَامَ بنا
وفي الرحيلِ، إذا ما ضمهُ السفر

فَجِئْتُ أَمْشي وَلَمْ يُغْفِ الأُلى سَمَرُوا
وصاحبي هندوانيٌّ به أثر

فلم يرعها، وقد نضتْ مجاسدها،
إلا سوادٌ، وراءَ البيت، يستتر

فلطمتْ وجهها، واستنبهتْ معها
بَيْضَاءُ آنِسَة ٌ مِنْ شَأْنِها الخَفَرُ

ما باله حين يأتي، أختِ، منزلنا،
وقد رأى كثرة َ الأعداءِ، إذ حضروا

لَشِقْوَة ٌ مِنْ شَقَائي أُخْتِ غَفْلَتُنا
وشؤمُ جدي، وحينٌ ساقه القدر

قَالَتْ: أَرَدْتَ بِذا عَمْداً فَضيحَتَنا
وصرمَ حبلي، وتحقيقَ الذي ذكروا

هَلاَّ دَسَسْتَ رَسولاً مِنْكَ يُعْلِمُني
ولم تعجلْ إلى أنْ يسقطَ القمر

فقلتُ: داعٍ دعا قلبي، فأرقهُ،
ولا يتابعني فيكم، فينزجر

فبتُّ أسقى عتيقَ الخمرِ خالطهُ
شَهْدٌ مَشَارٌ وَمِسْكٌ خَالِصٌ ذَفِرُ

وَعَنْبَرَ الهِنْدِ والكَافُورَ خَالَطَهُ
قرنفلٌ، فوقَ رقراقٍ لهُ أشر

فبتُّ ألثمها طوراً، ويمتعني،
إذا تمايلُ عنهُ، البردُ والخصر

حتى إذا الليلُ ولى ، قالتا زمراً:
قُوما بِعَيْشِكُما قَدْ نَوَّر السَّحَرُ

فَقُمْتُ أَمْشي وَقَامَتْ وَهْيَ فَاتِرَة ٌ
كَشَارِبِ الخَمْرِ بَطَّى مَشْيَهُ السَّكَرُ

يَسْحَبْنَ خَلْفي ذُيُولَ الخَزِّ آوِنَة ً
وناعمَ العصبِ كيلا يعرفَ الأثر