يا صاحبيّ، قفا نستخبرِ الدارا، - عمر ابن أبي ربيعة
يا صاحبيّ، قفا نستخبرِ الدارا،
أَقْوَتْ فَهَاجَتْ لَنَا بِکلنَّعْفِ تذْكَارَا
تبدلَ الربعُ ممنْ كان يسكنه،
أُدْمَ الظِّبَاءِ بِهِ يَمْشِينَ أَسْطَارا
وَقَدْ أَرَى مَرَّة ً سِرْباً بِهِ حَسَناً
مِثْلَ الجَآذِرِ أَثْيَاباً وأَبْكَارا
فيهنّ هندٌ، وهندٌ لا شبيهَ لها،
مِمَّنْ أَقَامَ مِنْ الجِيرانِ أَوْ سَارا
هَيْفاءُ مُقْبِلَة ً عَجْزَاءُ مُدْبِرَة ً
تخالها في ثياب العصب دينارا
تفترُّ عن ذي غروبٍ، طعمه ضربٌ،
تخالهُ برداً من مزنة ٍ مارا
كَأَنَّ عِقْدَ وِشَاحَيْها عَلى رَشَإٍ
يَقْرو مِنَ الرَّوْضِ رَوْض الحَزْن أَثمارا
قَامَتْ تَهَادَى وأَتْرَابٌ لَهَا مَعَها
هَوْناً تَدافُعَ سَيْلِ الزُّلِّ إذْ مارا
يممنَ مورقة َ الأفنانِ، دانية ً،
وفي الخلاءِ، فما يؤنسنَ ديارا
قالت: لوَ انّ أبا الخطابِ وافقنا،
فنلهوَ اليومَ، أوْ تنشدنَ أشعارا
فلم يرعهنّ إلا العيسُ طالعة ً،
يحملنَ بالنعفِ ركاباً وأكوارا
وفارسٌ معه البازي، فقلنَ لها:
هَا هُمْ أُولاءِ وَما أَكْثَرْنَ إكْثارا
لَمّا وَقَفْنا وَغَيَّبْنا رَكَائِبَنا
بُدّلنَ بالْعُرْفِ بَعْدَ الرَّجْعِ إنْكارا
قلن: انزلوا نعمتْ دارٌ بقربكمُ،
أهلاً وسهلاً، من زائرٍ زارا
لما ألمتْ باصحابي وقد هجعوا،
حَسِبْتُ وَسْطَ رجالِ القَوْمِ عَطّارا
مِنْ طِيبِ نَشْر الَّتي نامَتْكَ إذْ طَرَقَتْ
ونفحة ِ المسكِ والكافور إذ ثارا
فقلتُ: من ذا المحيي؟ وانتبهتُ له،
أمْ من محدثنا هذا الذي زارا؟
قالت: محبٌّ رماهُ الحبُّ آونة ً،
وَهَيَّجَتْهُ دَواعي الحُبِّ إذْ حارا
حُلّي إزارَكِ سُكْنَى غَيْرَ صاغِرَة ٍ
إنْ شِئْتِ وکجْزي مُحِبَّاً بِکلَّذي سارا
فَقَدْ تَجَشَّمْتُ مِنْ طُولِ السُّرَى تَعَباً
وَفي الزِّيارَة ِ قَدْ أَبْلَغْتُ أَعْذَارا
إنّ الكواكبَ لا يشبهنَ صورتها،
وهنّ أسوأُ منها، بعدُ، أخبارا