خمس قصائد قصيرة - عبد القادر رابحي

حزن
كَيْفَ تَلْهُو بِعُمْرِ أَخِيكَ..؟
وَ مَنْ أَنْتَ حَتَى تَرَى المَاءَ مِنْ قَلْبِهِ نَابِعًا
وَ الَسَنَابِلَ فِي رَحْلِهِ تَتَسَلَّقُ هَذَا اِلِبَهَاءْ..؟
كَيْفَ تَحْرِمُهُ قَطْرَةً مِنْ حَنِينِ الأخُوَّةِ
فِي لَحْظَةٍ..
ثُمَّ تَدْلُو بِهِ فِي غَيَابَاتِ جُبٍّ حَزِينْ..؟
كَيْفَ تَقْتُلُهُ مَرّتَيْنْ..؟
*
خفافيش
خَفَافِيشُ تَرْبُضُ فِي بَاحَةِ الوَقْتِ
لاَ شَيْءَ يَنْتَابُهَا
غَيْرَ هَذَا الرَّحِيلِ المُعَلَّبِ فِي دَهْشَةِ الوَرْدَةِ الحَالِمَهْ..
خَفَافِيشُ تَرْتَاحُ بَعْدَ عَنَاءِ الفَرِيضَةِ
تُوشِكُ أَنْ تَتَسَاقَطَ
لَكِنَّهَا تَتَدَلَّى عَناقِيدَ فِي سَلَّةِ الغُرْفَةِ المُظْلِمَهْ..
خَفَافِيشُ تَلْهُو بِأَحْزَانِهَا
وَ تُرَدِّدُ فِي لُغَةٍ كَالنَّشيدْ :
( مَنْ سَيَفْتَحُ بَابَ الحَدِيدِ..
وَ مَنْ يُوقِظُ الأُمَّةَ النَّائِمَهْ..)
*
بكاء
لَمْ يَبْقَ مِنْ غُرْبَتِي غَيْر الذِي فِي شُقُوقِ القَلْبِ
يَحْتَرِقُ..
أَهَكَذَا كَانَ لِي يَوْمًا أخٌ سَكَنَتْ أَحْزَانُهُ
جُرْحِي
وَ مَا نَزِفَتْ غَيْرَ الذِي مِنْ شُقُوقِ القَلْبِ
يَنْبَثِقُ..
أَهَكَذَا عَلَّمَتْنَا أَرْضُنَا لُغَةً مِنْ جُرْحِنَا
ثُمَّ تُسْقِينَا
فَنَنْشَرِقُ..
*
وحدة
كَيْفَ لِي أَنْ أُجَافِيكَ
أَنْتَ أَخِي
وَ أَنَا لَسْتُ غَيْرَ ابْن أُمِّكَ
لَيْسَ لَنَا غَيْرُنَا فِي الطَّرِيقِ
وَ مَنْ غَيْرُنَا يَحْرِسُ الأَرْضَ وَ القَافِلَهْ..
كَيْفَ لِي أَنْ أَجَافِيكَ
أَنْتَ الذِي كُنْتَ لِي وَطَنًا
حِينَ آلَمَنِي الظِلُّ
وَ اشْتَدَّ بِي لَوْنُ تُربَتِهِ القَاحِلَهْ..
*
شجر
شَجَرٌ فِي العُرُوقِ العَمِيقَهْ
شَجَرٌ فِي المَسَاءِ الحَزِينِ
وَ فِي كَرْبَلاَءِ الطَّرِيقَهْ
شَجَرٌ فِي شُقُوقِ الجِدَارِ
وَ فِي رَدَهَاتِ النَّهَارِ
وَ فِي لَيْلَكِ الجُرْحِ
تَلْهُو بِهِ
ثُمَّ يَلْهُو بِهَا
ثُمَّ يَنْتَابُ أَحْلاَهُمَا مَا يَشُوبُ الحَقِيقَهْ..