حديث الروح - عبدالقادر مكاريا

لعلّ المدينة غير المدينة
أو أنا غيري و لا أشعر
لعلّ الشّوارع غير التي
أظنّ , , و غير التي أعبر
و إلاّ ؟ فكيف أسير بها
فلا تتراقص , أو تذكر ! ؟
و في كلّ ركن بها من دمي
أريج الحكايات مستنفر
و بين الحجارة , فوق الرّصيف
أشمّ سنين الصّبا تقطر
و يعصرني الشّوق و الذكريات
و وهج البدايات إذ يعصر
أدور , فلا شيء غير الضّباب
و طيف الطّفولة منتشر
.
لعلّ المدينة لم تستفقْ
أمرّ على كبدي لا يراني
و ينثرني القلب بين الطّرقْ
تنطّ أمامي سنون الصّفاء
و تملأ عيني سنون الشّبقْ
هنا كنت طفلا كبير الأماني
يُعانقه الحلم حدّ الأرقْ
هنا كان للقلب أوّل عشقٍ
هنا القلب - يوما - بريئا خفقْ
هنا قبّلتني التي لم تعدْ لي
هنا العشق أورق ثمّ انطلقْ
هنا كنت أرنو إلى عينها
فألمح عمري خلف الأفقْ
هنا ! يا هنا ! كيف أنّي
أعود إليك و لا تحترقْ !؟
.
سنين الطّفولة ما أروع
و ما أقصر الدّرب منذ الغد
كأنّي أسير بأمس قريب
إلى حيث يأخذني موعدي
أنطّ على سور جارتنا مستعينا
بخفّة قلبي على ساعدي
و أركض ,, أركض خلف الطّيور
فتهرب من حجر في يدي
و تحت شجيرة سروٍِ لطيف
أنام أميرًا و أصحو ملكْ
ليَ الأرض , حيث أشاء أسير
فتحضنني غضّة "هيت لكْ "
و أمرح ,, أمرح ما شاء يومي
فيا يومي الأمس ما أجملكْ
.
أنا الآن متّسع للنصوص
أنا الآن متسع للمحن
إذا نمت يرفضني بعض نومي
يؤرّق عيني هذا الوطن
و إن قلت أخلد للعشق حينا
أبيع النساء و أصطادهن
تمرّ البلاد على خاطري
فتمحو النّساء و حاجاتهن
فيا وطني ! كيف أشدو بلحني
و أنت تنام بجفن الفتن