عَوَاطِفُ أمْ عَوَاصِفُ؟! - عمارة بن صالح عبدالمالك

لِكلِّ النّاسِ أحبابٌ
و أصْحابٌ
و أحسبُنِي أنا وحدِي
بلا صَحِبٍ بلا وِدِّ
تَلاطمُ داخلِي كالنّاسِ قاطبةً
عواطفُ وسْطَ مجتمعٍ
بلا حصْرٍ و لا عَدِّ
فيمتلئُ الفؤادُ هوًى
و يفرغُ تارةً أخرى
و طولَ الوقتِ
ينبضُ فيَّ
نبضَ الأخذِ و الرَّدِّ
أحبُّ ... نعمْ!
و أكرهُ ... ربّما أيضًا نعمْ أو لا!
أحبُّ النّاسَ لكنْ
لستُ آمنُ مكرَهم أبدًا
فأكثرُهم ذئابٌ
يضمرونَ مشاعرَ الكيْدِ
لكمْ كمْ بابتساماتٍ رقيقاتٍ
ضربتُ أشدَّ ضرْباتٍ
على خدِّي
أحبُّ النّاسَ ما دامُوا على صَفْوٍ
على حسْنِ النّوَايَا
لمْ تلجْ ألبابَهمْ جرثومةُ الْحِقْدِ
جِبِلَّةُ كلِّ إنسانٍ بهذِي الأْرضِ طيّبةٌ
بِرُغمِ تبَاينِ الأشكالِ و الألوانِ
من فردٍ إلى فرْدِ
بِرُغمِ تَباينِ الْبُلْدَانِ و الأديانِ
منْ قُطْبِ الشّمالِ إلى الجنوبِ
و مِنْ أَمِيرِيكَا إلى الْهِنْدِ
و مَا صنعَ الفَجائعَ في العَوالمِ
و الحُروبَ جميعَها
إلا الهَوى و النَّرجسيّةُ و الوَساوسُ
و ارتعاشُ السَّيفِ في الْغِمْدِ
فهلْ يا قومُ
يا سُكّانَ هذا الكوكبِ الهَادِي
تغيّرَ وقتُنا
فغَدَا زماناً للخداعِ و للصّراعِ
و زرعِ أحقادٍ
و جنيِ الشّوكِ لا الوردِ؟!
أمِ النّاسُ الّذينَ تغيّرُوا
و تجرّدُوا مِنْ كلِّ إِنسانِّيَّةٍ
ماتتْ بداخلِهمْ مشاعرُ
إِسمُها الحُبُّ المُجمِّعُ لا المُفرِّقُ
و الأُخوَّةُ و السَّماحةُ و الكَرامةُ
و النَّبالةُ و العَدالةُ
و اشتباكُ اليَدِّ في الأيْدِي؟!
إذا كنَّا جميعًا أبرياءَ مِنَ السُّقُوطِ
أوِ التَّساقطِ في الرَّذيلةِ
مَنْ يكونُ الْمُذنبونَ إذنْ؟ّ!
ألا و الشَّمسُ تفضحُنا
أقولُ بلا مُبالغةٍ:
"لقدْ عثنا فسادًا فوقَ كوكبِنا
بلا قيْدٍ و لا حَدِّ!"
***
و أكرهُ ... لا!
لماذا الْكُرْهُ
ما معناهُ مصطلحًا؟!
و هلْ منْ لفظةٍ أخرى تُرادفُه؟!
لعلَّ البغضَ و الحقدَ الدَّفينَ
و حبَّ إلحاقِ الأذَى الإنتقام
جزالةُ الرَّدِّ
أنا لا أعرفُ الكرهَ الّذي الجُبناءُ تعرفُه
فقطْ؛ إنْ لمْ أُحِبَّ،
فلنْ أضرَّ،،،
و لا أكابدُ أيَّ إحساسٍ
إذا أخفِي، فإنِّي توَّها أُبْدِي
و إنِّي واضحٌ أمرِي بلا كَلَفٍ
شديدُ الْحَزْمِ
ذُو عَزْمٍ
نَقِيُّ النّفسِ مُصْطَبرٌ
ذكيُّ العقلِ منتبهٌ
قويُّ الجسمِ كالطَّوْدِ
حكيمُ الرَّأْيِ مُعتَدلٌ
جَرِيءٌ مثلُ حَيْدَرةٍ
أسارعُ إنْ أرَى المظلومَ منهزمًا
فأنصرُه
و أنصرُ ما حييتُ الحقَّ
إنْ تَكُ رحلةٌ فيه إلى لَحْدِي
يعيشُ الْحُرُّ مُحتَرمًا
و إنْ قلّتْ دراهمُه
عزيزًا أينما يمشِي
رفيعَ الرَّأسِ يركبُ صهوةَ المَجدِ.
***
بِمُجتمَعٍ قَدِ اسْتَشْرَى النِّفاقُ بهِ
كمَا السَّرطانُ في جسمٍ عليلٍ
ينزلُ الأنذالُ منزلةً و لا الأخيارُ
بالكَذِبِ المُنمَّقِ دونمَا جَهْدِ
تَضاربُ داخلَ النّاسِ العَواطفُ
كَالعَواصفِ
تَضْربُ الأحياءَ و الأشياءَ
قاتلةً و هادمةً
كموجِ البَحْرِ في جزْرٍ
و في مَدِّ
و يَحْتَدِمُ التَّسابقُ للمناصبِ بينَ أفرادٍ
و يحتدمُ التَّسابقُ للتَّسلُّحِ بينَ بُلدانٍ
لأغراضِ المَزيدِ على الرَّصيدِ
فلمْ يَعُدْ يَكْفِي الّذِي في الْبنكِ منْ نَقْدِ
لماذَا كلُّ هذا أيُّها الْمُتصَارعونَ؟ّ!
لِأَجلِ لَا شيءٍ!
لمَاذَا؟ّ
إنَّ هذِي الأرضَ واسعةٌ و كافيةٌ
لكيْ نحيَا جميعًا فوقهَا
حتَّى نِهايتِنا
أ أنتمْ طامعونَ بِنِعْمةِ الْخُلْدِ؟!
لقدْ عفّتْ عَنِ الدُّنْيَا الْجَوارحُ
فَارْتَضيتُ العيشَ نِصفَ النِّصْفِ
مندمجًا بِمُجتَمعِي
أراقبُه كبدرٍ مِنْ بَعِيدٍ
حيثُ يمكنُ
أنْ أحدِّدَ مَوْضِعَ الظُّلماتِ بالرَّصْدِ
أحاولُ أنْ أسلِّطَ بعضَ نورِي
فوقَ أمْكِنَةٍ
بهَا الْجِرْذَانُ و الْفِئْرَانُ عَابثةٌ
فينعكسُ الضِّياءُ بِقُوّةٍ ضِدِّي
عَلَيْكمْ أيُّها الْمُتَربِّعونَ على الْعُرُوشِ
بِوَقْفِ أنْزِفَةِ الشُّعُوبِ
أوِ ارْحَلُوا فَوْرًا!
عليكمْ أيُّها الْمُتحضِّرونَ بِضَبْطِ أنفسِكم
و تصليحِ الخَرابِ
و كلِّ ما أفسدتمُوهُ
أوِ ارْحلُوا!
لا تلعبُوا بِالآدميِّ كزهرةِ النَّرْدِ!
لماذا تجمعونَ المالَ؟!
أموالٌ و أموالٌ بأيدِيكمْ
و ماذا تصنعونَ بها؟!
ضعوهَا في خزائنِ شعبِكمْ
لِبلادِكمْ
أمَّا أنا؛ فرضيتُ عيشَ الْعِلْمِ و الزُّهْدِ
إذا مَا الشَّعْبُ ألفَى البيتَ
و العملَ الشَّريفَ
و كلَّ أسبابِ التَّنقُّلِ
و الحقوقَ جميعَها
منْ غيرِ مَظلمَةٍ
فَتِلْكَ علامةُ السَّعْدِ.
***
أ أدخلُ في النَّذالةِ؟!
لا!
دعونِي هائمًا
لا تسألونِي أين أمضِي
علَّنِي ألقَى مدائنَ (أَفْلَطُونَ)
و دُونمَا قَصْدِ!
دَعُونِي
ضِقْتُ ذرعًا بالعبادِ
أظنُّنِي أحيَا بِعَهْدٍ
ما أظنُّه - سَادَتِي - عَهْدِي!