المُعَلّقَةُ الثّامِنَة - عمارة بن صالح عبدالمالك

مُعَلَّقَتِي لَوْ شِئْتُ تَرْجَمْتُهَا إلى
لُغَاتٍ عَدِيدَاتٍ إِذِ اسْتُصْغِرَتْ رَاسِي

لَنَا لُغَةٌ أَرْقَى وَ أَجْملُ حَيّةٌ
وَ لَكِنّنَا مَوْتَى وَ لَسْنَا بِأَرْمَاسِ!

حَيَاتُكَ أَفْلَامٌ وَ أَدْوَارُكَ النّجْمُ
وَ أَفْعَالُكَ التّرْعِيبُ وَ الرّدْعُ لَا الزَّعْمُ

أَعَدُّوكَ صُعْلُوكًا خَطِيرًا وَ فَاتِكًا
وَ قَاطِعَ طُرْقٍ أَمْرُهُ النّهْبُ وَ الْغُنْمُ

وَ أَعْدَدُتَكَ الدِّلْهَامَ يَحْيَا مُقَارِعًا
وَ مَا الْخَصْمُ إِلاّ اللّاعَدَالَةُ وَ الظُّلْمُ

يَشُبُّ الْفَتَى وَ الْخَيْرُ يَمْلَأُ قَلْبَهُ
وَ يَقْلِبُهُ يَوْمٌ إِذَا انْعَدَمَ الرُّحْمُ

فَرُبَّ فَقِيرٍ أَطْعَمَتْهُ شَقَاوَةٌ
جَفَاءً وَ حِقْدًا لَيْسَ مِثْلَهُمَا طُعْمُ

وَ رُبَّ يَتِيمٍ عَذّبَتْهُ طُفُولَةٌ
تَرَعْرَعَ مَحْرُومًا يُكَفِّلُهُ الْيُتْمُ

وَ آخَرَ أَحْيَاءٌ أَبُوهُ وَ أُمُّهُ
مِنَ الْقَسْوِ لَا أَبٌّ لَدَيْهِ وَ لَا أُمُّ

وَ رُبَّ قَسِيٍّ فِي الْحَقِيقَةِ رَائِمٍ
حَنَانًا، فَقَطْ لَوْ يَعْقِلُ الْبُكْمُ وَ الصُّمُّ

أّ مُقْتَحِمَ الْأَهْوَالِ مُجْتَرِئَ الرَّدَى
أَ وِسْعُكَ أَفْعَالٌ تَضِيقُ بِهَا الْبُهْمُ؟!

أَغِرْ كُرَّ لَكِنْ لَا تُرَوِّعْ مُسَالِمًا
وَ خُذْ حَقَّكَ الْمَسْلُوبَ لَمْ يُعْطَهُ الْكَزْمُ

عَلِمْنَاكَ هِلْقَامًا ضِنَاكًا هَجَنَّفًا
أَصَمَّ فُؤَادٍ أَمْرُكَ الْقَطْعُ وَ الْجَزْمُ

خَفِيفًا كَوَلّاسٍ أَرِيبًا مُحَاذِرًا
سَرِيعًا إِذَا أُدْرِكْتَ يُشْبِهُكَ الْكَشْمُ

لِمُخْتَلَفِ الْأَحْيَاءِ رِزْقٌ مُقَسَّمٌ
وَ رِزْقُكَ كَاللَّيْثِ الشَّجَاعَةُ وَ الْجِسْمُ

وَرِثْتَهُمَا عَنْ وَالِدٍ كَانَ قَسْمُهُ
ذِرَاعَيْهِ، أَوْ جَدٍّ أَصَابِعُهُ الْقَسْمُ

كَرِيمَانِ مَا لَمْ يُظْلَمَا أَوْ يُحَقَّرَا
فَإِنْ ظُلِمَا؛ فَالْخَطْمُ لِلْمُعْتَدِي الْخَطْمُ

عَزِيزَانِ تَأْبَى أَنْ تَهُونَ نُفُوسُهُمْ
وَ عَنْ عِيشَةِ الْأَنْعَامِ أَلْبَابُهُمْ تَسْمُو

وَ شَهْمَانِ رُغْمَ الضِّيقِ مُتَّسِعَا الْقِرَى
فَأكْرِمْ بِأَقْوَامٍ شَهَامَتُهُمْ كَرْمُ

يُرَى بِعُيُونِ الْعُظْمِ مَنْ كَانَ غَانِيًا
وَ إِنْ يَكُ بَعْضُ الْمَالِ أَوْ كُلُّهُ حِرْمُ

وَ لَيْسَ يُرَى إِلَّا بِعَيْنَيْ حَقَارَةٍ
فَقِيرٌ وَ مَسْكِينٌ وَ ذَنْبُهُمَا الْعُدْمُ

تُحَقَّرُ قُرْعَانُ الْكِبَاشِ لِضَعْفِهَا
وَ يُخْشَى مِنَ الْقَرْنَاءِ نَطَّاحُهَا الضَّخْمُ

زَمَانُكَ هِرْدٌ هَيْرَعٌ وَ هَمَلَّعٌ
أَ يَلْقَاكَ خَصْمٌ قَلْبُهُ الزَّمَنُ الْفَدْمُ؟!

ضَرَبْتَ رُؤُوسَ الظَّالِمِيَن فَمِنْهُمُ
نَطِيحٌ وَ مَوْقُوذٌ وَ مَا قَتَلَ الْإِسْمُ

وَ كُنْتَ عَلَى الْجَلَّادِ سَوْطًا مُسَلَّطًا
وَ سَيْفًا عَلَى السَّيَّافِ ضَرْبَاتُهُ الْجَذْمُ

لَئِنْ ضَاعَ وَقْتٌ فِي غَيَاهِبِ سِجْنِهِمْ
فَكَمْ سُجِنَ الْأَحْرَارُ وَ الثُّوَّرُ الشُّمُّ

أَيَا "صَالِحُ الّذوَّادُ" قُمْ قُدْ وَ ذُدْ وَ سُدْ
فَفِي شَرْعِ أَهْلِ الْغَابِ لِلْقُوَّةِ الْحُكْمُ *

كَأَنّكَ ثَوْرٌ فِي النِّطَاحِ مُهّيَّجٌ
وَ أَرْقَطُ خَتَّالُ الْخُطَى وَثْبُهُ الْحَسْمُ

بِنَفْسِي؛ أَ إِنْسٌ أَنْتَ أَمْ أَنْتَ مَارِدٌ؟!
أَ عَظْمٌ وَ لَحْمٌ فِيِهمَا يَدْفَقُ الدَّمُّ؟!

عِرَاكٌ وَ عُنْفٌ مُرْعِبٌ وَ إِثَارَةٌ
مُغَامَرَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَهَا حَجْمُ

فَأَبْطَالُ أَفْلَامِ الْخَيَالَاتِ فُقْتَهُمْ
بِوَاقِعِ أَفْعَالٍ أَقَاصِيصُهَا (فِلْمُ)

فَلَا (الرَّجُلُ اللَّامُنْتَهِي) لَكَ مُشْبِهٌ
وَ لَا (الرَّجُلُ الْوَطْوَاطُ)، بَلْ وَحْدَكَ الطِّمُّ*

وَ لَا الرَّجُلَانِ (الْعَنْكَبُوتُ) وَ (رُوبُكَبْ)
وَ مَا يَسْتَوِي الْمَوْجُودُ فِي الْأَصْلِ وَ الْوَهْمُ!*

وَ شِبْهَاكَ (زُورُو) أَوْ (رُبِنْ هُودُ) دَأْبُكُمْ
مُقَارَعَةُ الْأَوْغَادِ وَ الْجَوْرِ وَ الرَّمُّ*

وَ إِنْ قُلْتُ أَنْتَ "الشَّنْفَرَى" وَ "السُّلَيْكُ" لَمْ
أُصِبْ، لَيْسَ يَسْتَهْوِيكَ شِعْرٌ وَ لَا نَظْمُ

صَلَابَةُ جَأْشٍ، طُولُ جَلْدٍ، بَخٍ بَخٍ
فَتًى جَامِحٌ يَقْتَادُهُ الْعَزْمُ وَ الْحَزْمُ

أَرَى فِيكَ نَفْسِي فِي خِصَالٍ جَمِيلَةٍ
وَ يَخْصُصُنِي مِمَّا تَرَى الْعِلْمُ وَ الْحِلْمُ

وَ لَسْتَ مَلَاكًا يَا أُخَيَّ مُنَزَّهًا
وَ لَا مَلِكًا فِيكَ الثَّنَا وَ لِيَ الْغَثْمُ

فَفِيكَ صِفَاتٌ تُسْتَحَبُّ كَثِيرَةٌ
وَ قُبْحٌ تَغَشَّتْهُ رُجُولَتُكَ الْيَمُّ

إِذَا كُنْتَ قَدْ أَخْطَأْتَ فَالُله غَافِرٌ
وَ لَكِنْ عَلَيْكَ الْأَوْبُ وَ التَّوْبُ وَ النَّدْمُ

وَ كُلُّ امْرِئٍ مَهْمَا يُحَاذِرُ مُخْطِئٌ
عَدَا الرُّسْلِ فِي التَّبْلِيغِ حَابَاهُمُ الْعَصْمُ.

لِدَوْلَتِنَا ذَاتِ المْنَادِحِ رُقْعَةٌ
تُضَاهِي دُوَيْلَاتٍ إِلَى الْبَعْضِ تَنْضَمُّ

وَ شَعْبٌ بِأَعْتَى عُنْفُوَانِهِ قِلَّةٌ
وَ لَكِنْ لِفُقْدِ الْوَعْيِ لَا أَرْضُ لَا قَوْمُ!

يَسُودُ الْعِبَادُ الصَّالِحُونَ سِيَادَةً
إِذَا بِصُنُوفِ الْعِلْمِ وَ الْعَمَلِ اهْتَمُّوا

فَكَمْ أُمَّةٍ بِالْعَقْلِ فِي الْجَدْبِ تَرْتَقِي
وَ كَمْ أُمَّةٍ فِي الْخِصْبِ مِنْ جَهْلِهَا تَهْمُو

بِقَلْبِ الجْشَاعَى يُصْبِحُ الْكَوْنُ ضَيِّقًا
وَ َيفْسُحُ عِنْدَ الْقُنَّعِ اللَّحْلَحُ الزَّحْمُ

وَ تُمْطِر فِي الْأَرْضِ الْعَدَالَةُ أَنْعُمًا
وَ َيعْلُو سَمَاهَا الْمَحْلُ مَا عَمَّهَا الضَّيْمُ

أَعَالِي الثَّرَى قَصْرٌ وَ مَا أَسْفَلَ الثَّرَى
عَلَى رُؤَسَاءِ الْقَوْمِ وَ الْجَوُّ وَ الْيَمُّ

فَمِنْ أَيْنَ يَأْتِي الْخَيْرُ وَ الرِّفْهُ يَا تُرَى؟!
وَ كَيْفَ يَعُمُّ الْإِلْفُ وَ الْأَمْنُ وَ السِّلْمُ؟!

سِيَاسَاتُهُمْ مَفْرُوضَةٌ كَصَلَاتِنَا
قَبِلْنَا وَ لَمْ نَقْبِلْ بِهَا، قَدَرٌ حَتْمُ

يَعُودُونَ فِي كُلِّ انْتِخَابٍ بِجِلْدَةٍ
كَمِثْلِ الْأَفَاعِي كُلَّمَا الصَّيْفُ يَحْتَمُّ

يَرُومُونَ مُلْكًا فَوْقَ مُلْكٍ لَدَيْهِمُ
فَأَفْضَلُ شَيْءٍ يَسْتَطِيعُونَهُ الرَّوْمُ

هُمُ النَّاهِئُونَ الْهَانِئُونَ هُنَا وَ مَا
لَنَا غَيْرُ أَجْسَادٍ يُمَزِّقُهَا السُّقْمُ

خِطَابَاُتُهُمْ فَوْقَ الْمَنَابِرِ أَنْجُمٌ
قُبَيْلَ النَّجَاحِ النَّوْرُ مِنْ بَعْدِهِ الظَّلْمُ

وُعُودُهُمُ الْحُبْلَى يَلَامِعُ خُلَّبٍّ
ظَوَاهِرُهَا غَيْثٌ بَوَاطِنُهَا عُقْمُ

مَتىَ صَدَقُوا يَوْماً فَمِنْ خَلْفِ صِدْقِهِمْ
مَغَانِمُ كُبْرَى دُونَهَا خُطَطٌ عُصْمُ

قَدِ اتَّخَذُوا الشَّعْبَ الْمُغَفَّلَ دَوْبَلًا
عَلَى ظَهْرِهِ الْأَحْلَاسُ فِي فَمِهِ اللُّجْمُ

قَضَى الدَّهْرُ أَقْنَانٌ بِوَطْنِي وَ سَادَةٌ
فَأَيَّامُنَا بُؤْسٌ وَ أَيَّامُهُمْ نُعْمُ

أَخٌ يَحْسَبُ الدُّنْيَا لَدَيْنَا جَمِيلَةً
عَلَى عَيْنِهِ كِنٌّ عَلَى قَلْبِهِ خَتْمُ

نَوَامِيسُنَا أَحْلَى النَّوَامِيسِ كُلِّهَا
وَ لكنْ عَلى الْقِرْطَاسِ مُعْظَمُهَا رَسْمُ

إِذَا سَرَقَ الْجَوْعَانُ يَا نَاسُ خُبْزَةً
سَيُسْجَنُ أَعْوَامًا لِأَنَّ الطَّوَى جُرْمُ

وَ يَنْهَبُ أَصْحَابُ الْقَرَارَاتِ كَيْفَمَا
يَشَاؤُونَ؛ لاَ جُرْمٌ عَلَيْهِمْ وَ لَا إِثْمُ

أُحَادِيَّةُ الرَّأْيِ الْمُهَيْمِنِ آفَةٌ
مُصَابٌ بِهَا مَنْ كَانَ عُقْدَتَهُ الْعُظْمُ

فَإِنْ سَاسَ أُمِّيٌّ بِلَادًا وَ جَاهِلٌ
تَخَصْخَصَتِ الْأَشْيَاءُ وَ النَّاسُ وَ الْبَهْمُ

ثَرَاءٌ وَ إِمْلَاقٌ وَ عِزٌّ وَ ذِلَّةٌ
مُلُوكٌ وَ شَعْبٌ عَيْشُهُ الْكَبْتُ وَ الْكَظْمُ

أَ نَقْتَاتُ مِنْ مُلْقَى الْكُنَاسَاتِ خُبْزَنَا
بِوَطْنٍ عَلَى التِّبْرَيْنِ سَلْحُهُ وَ النَّوْمُ؟!

أَ نَحْلُمُ أَحْلَامًا بِدَائِيَّةً لَدَى
سِوَانَا حُقُوقٌ لَا يَجُوزُ بِهَا السَّوْمُ؟!

هَلِ اللِّبْسُ وَ الْمَأْوَى، هَلِ الْأَكْلُ وَ الرِّوَى،
هَلِ الشُّغْلُ إِلَّا عِنْدَ أَقْوَامِنَا حُلْمُ؟!

أُنَاسٌ بِأَوْطَانٍ كِرَامٌ أَعِزَّةٌ
كَأَنَّهُمُ الْأَفْرَاخُ تَحْضُنُهَا الرُّخْمُ

وَ نَحْنُ مِنَ الْمِيلَادِ حَتَّى وَفَاتِنَا
تَقَاذَفُنَا أَيْدٍ وَ يَبْصِقُنَا فَمُّ

جُبِلْنَا بَنِي الْعُرْبِ الرِّيَاسَةُ مَطْلَبٌ
سَبِيلُهُ إِمَّا الْإِحْتِيَالُ أَوِ الدَّمُّ

رُؤُوسٌ غَزَاهَا الشَّيْبُ قَبْلَ احْتِلَامِهَا
وَ لَمْ تَمِزِ الْأَشْيَاءَ: مَا الْحُسْنُ مَا الذَّأْمُ؟!

مَسَاكِينُ أَوْلَى وَ الْمَسَاكِنُ بِالرِّشَى
كَأَنَّ بُيَيْتًا مِنْ مَآوِيِهِمُ خُمُّ

نِسَاءٌ بَلَغْنَ الْيَأْسَ يَرْقُبْنَ فَارِسًا
وَ لكنْ خَصَى الْفَقْرُ الْفَوَارِسَ وَ الْغَمُّ

مَصَادِرَ دَخْلٍ صِرْنَ فَالْمَهْرُ صَفْقَةٌ
يُرَاعَى بِهَا لَا الْكَيْفُ أَصْلًا بَلِ الْكَمُّ

نِسَانَا رَخِيصَاتٌ وَ يَغْلَوْنَ قِيمَةً
فَقَطْ حِينَ يَدْنُو بَابَنَا خَاطِبٌ قُدْمُ

وَ أَمَّا الشُّيُوخُ الْعَجْزُ وَ السُّقْمُ هَدَّهُمْ
فَلَا عَظْمَ فِي الْأَجْسَادِ يَدْعَمُهُ عَظْمُ

عُتُلٌّ زَنِيمٌ أَرْذَلُ الْعُمْرِ عِنْدَنَا
رَحِيلًا إِلَهِي قَبْلَ أَنْ يَهْرَأَ اللَّحْمُ

فَلَا بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِيَن هُنَا وَ لَا
مَكَاتِبُ كَالْأَعْلَاجِ نِيطَ بِهَا الدَّعْمُ

هَيَاكِلُنَا دَقَّتْ كَأَنَّ مُكَاكَهَا
قَدِ امْتُصَّ، وَ اعْوَجَّتْ كمَا لوْ بِهَا عَثمُ

وَ أَوْجُهُنَا اسْوَدَّتْ بِهَا ابْيَضَّتِ اللِّحَى
ثَغَامٌ عَلَى أَرْضِينَ أَعْفَارُهَا سُخْمُ

فمَنْ لِانْعِدَامِ "الْفِيتَمِينَاتِ" لَمْ يَمُتْ
يَمُتْ مِنْ حَقَارَاتٍ يُمَارِسُهَا الصُّمُّ

وَ مَنْ لَمْ يَمُتْ مِنْ حَالَةٍ أَوْ هُمَا مَعًا
يَمُتْ مِنْ كُظُومِ الْغَيْظِ يَسْرِي كَمَا السُّمُّ

وَ لَوْ كَانَ فِي الْأَوْطَانِ عَدْلٌ وَ رَحْمَةٌ
لَمَا جَاعَ مِسْكِينٌ وَ مَا اغْتَمَّ مُغْتَمُّ

أَنَا لَمْ أُحِسَّ الْآدَمِيَّة لَحْظَةً
فَهَلْ يَا تُرَى يَوْمًا أَحَسَّ بِهَا الْقَوْمُ؟!

يُرِيدُونَ أَنْ نَحْيَا أَسَارَى بِطَالَةٍ
وَ نَصْمُدَ كَالصَّبَّارِ فِي قَفْرَةٍ يَنْمُو

وَ لَا نَتَشَكَّى أَوْ نَئِنَّ تَأَلُّمًا
وَ لَا تَتَفَشَّى الْإِنْحِرَافَاتُ وَ الْجُرْمُ

وَ أَكْبَرُ جُرْمٍ أَنْ يُعَاقَبَ مُذْنِبٌ
وَ لَمْ تُقْطَعِ الْأَسْبَابُ وَ الْعِلَلُ الْأُمُّ

عُرُوبٌ تَرَى مِنَّا مَعَايِبَ غَيْرِنَا
عُيُونٌ، وَ يَسْتَهْوِي لِسَانَاتِنَا الرَّجْمُ

نُعَسِّرُ مَيْسُورًا نُبَعِّدُ دَانِيًا
نُذَمِّمُ مَحْمُودًا وَ أَوْلَى لَنَا الذَّمُّ

نُؤَلِّهُ أَصْنَامًا وَ نَقْرِنُ بِاسْمِهِمْ
بِلَادًا؛ هُمُ الْأَسْيَادُ وَ الْمَوْطِنُ الْفَخْمُ

وَ نَشْكُرُ شُكْرَ السَّائِلِينَ امْتِنَانَهُمْ
مَتَى تُمْطِرِ الْعَلْيَاءُ يُذْكَرْ لَهُمْ إِسْمُ

طَغَى الْجَهْلُ! هَلْ يَوْمًا سَيُدْرِكُ قِيمَةً
تُسَمَّى "ذِمَامَاتِ الْمُوَاطَنَةِ" الْقَوْمُ

وَ لَا بَأْسَ إِذْ مَا نَفْقِدَنَّ عُقُولَنَا
عُرِفْنَا بِأَعْصَابٍ تُذَكَّى كَمَا الْفَحْمُ

خِفَافُ النُّهَى نَرْنُو إِلَى السُّمَّهَى رَنًا
وَ نَبْغِي صُعُودًا مِثْلَمَا يَصْعَدُ الْعُجْمُ

يَسِيحُونَ فِي مُسْتَقْبَلَاتٍ بِعِلْمِهِمْ
وَ نَقْبَعُ فِي النِّسْيَانِ ظِهْرِيُّنَا الْعِلْمُ

عَرَابِيدَ أَهْوَاءٍ عَبِيدَ ذَوَاتِنَا
تَجَذَّرُ فِينَا النَّرْجَسِيَّةُ وَ اللُّؤْمُ

وَ فِينَا ثَقَافَاتٌ هَجَائِنُ إِلْتَقَتْ
وَ لَمْ يَتَّلِدْ إِلَّا حَمَاقَاتُنَا الْعُقْمُ

أَقَاوِيلُهُمْ جَزْمٌ أَفَاعِيلُهُمْ بِنَا
أَقَاوِيلُنَا زَعْمٌ أَفَاعِيلُنَا هَدْمُ

أَنَا لَا أَسُبُّ الْأَهْلَ لكنْ أَلُومُهُمْ
فَرُبَّتَمَا يُحْيِي مَوَاتَهُمُ اللَّوْمُ

إِذَا مَا اسْتَقَامَتْ قَبْلَ مَوْتِي أُمُورُنَا
سَأُنْبِئُكُمْ بَيْتًا فَيَكْتَمِلَ الرَّقْمُ