لَكَ فِي الْأَفْئِدَةِ الْغَرَّاءِ حُبٌّ - عمارة بن صالح عبدالمالك

لَكَ في الأفئدةِ الغَرَّاءِ حبٌّ
نابضٌ يا موطنِي بين الضُّلوعِ

لا يغيبُ الحِسُّ فينا إن بعدْنا
أو تراميْنا على شتَّى الرُّبوعِ

تشتهِي أرواحُنا عزًّا قديمًا
قدْ تجلَّى ها هنا سرُّ النُّزوعِ

ما مياهٌ و ترابٌ و رمالٌ
غيرَ آيٍ أردفتْ حسنَ الصَّنيعِ

لَوحةٌ وقَّعَها اللهُ فكانتْ
كوكبَ الكوكبِ مِشكاةَ السُّطوعِ

رقعةٌ خالطَها طِيبُ السَّجايا
يا لَمزجٍ بين حسْنينِ بديعِ

تحْبلُ الأرضُ نعيمًا أبديًّا
ما لهُ قطُّ شبيهٌ في الضُّروعِ

نتباهَى وَسْطَ روْضٍ و جنانٍ
نتهادَى بين أطنابِ الزُّروعِ

و عيونٍ دافقاتٍ، ترتوِي الدُّنْـ
يَـا و لا يسأمْنَ من طولِ النُّبوعِ

نحنُ ندرِي إنْ مشيْنا فوقَ شِبْرٍ
أنَّ كنْـزًا تحتَنا نَدْرَ الذُّيوعِ

هلْ تُرَى فوق البَرى مَنْ يتجنَّى
مثلَنا العسجدَ كالثَّمرِ اليَنوعِ؟!

أينما امْتدَّتْ بنا الأبصارُ نلقَى
عاملًا يسعَى و يشقَى في خُشوعِ

دمتَ يا ذا الوَطْنُ ذخرًا و معاذًا
دمتَ للأبناءِ بالخيرِ النَّفوعِ

يعشقُ الْغِلمانُ في غيمِك لَعْبًا
و يطيبُ الحبوُ للطِّفلِ الرَّضيعِ

يزهرُ الحُلْمُ لديهمْ قبلَ آنٍ
يشتهونَ الحظوَ بالفوزِ الذَّريعِ

ألسنُ الأيَّامِ تروي صفَحاتٍ
تِلْوَ صَفْحَاتٍ عن الماضِي النَّصيعِ

قممٌ شامخةٌ تشهدُ أنَّا
قدْ بلغْنا ذِرْوَةَ المجدِ الرَّفيعِ

دمتَ يا موطنَ عزٍّ و فخارٍ
دمتَ بالأبناءِ في أوجِ الطُّلوعِ

أنتَ أمٌّ و أبٌ، أخٌّ و خِلٌّ
إنْ أخذْنا لستَ يومًا بالمَنوعِ

جازلًا مهْما اسْتزدنَاك عطاءً
لستَ يا أرحبَ صدرٍ بالجَزوعِ

هالةٌ تعلوكَ من آياتِ ربِّي
أبدَ الدَّهرِ تَراءَى لِلجُموعِ

كسناكَ العينُ لمْ تشهدْ سناءً
لا تُضاهِي البدرَ أنوارُ الشُّموعِ

أغلبُ الأمصارِ عَجَّتْ بأساطيـ
رِ اللُّوَى، إلاكَ يا حقَّ الوُقوعِ

أَيْمُنُ اللهِ بأنّا لوْ بعدْنا
ساعةً يلفحُنا حرُّ الوُلوعِ

كيفَ يرضَى الصَّبُّ لِلوطْنِ بديلًا
كيفَ يرضَى عنهُ يومًا بالقُلوعِ؟!

تذكرُ الأطيارُ منْ بعدِ رحيلٍ
أوكرًا، تشتاقُ دومًا لِلرُّجوعِ

زمَنُ الخلفِ انْقضَى إنّا نُنادِي
لا و كلَّا أيُّ شكلٍ لِلخُضوعِ

الأعالِي و المَعالِي مُبتغانَا
في أراضِينا سنحيا كالسُّبوعِ