شاقتكَ منْ قتلة َ أطلالها، - الأعشى

شاقتكَ منْ قتلة َ أطلالها،
بالشّطّ فالوترِ إلى حاجرِ

فركنِ مهراسٍ إلى ماردٍ،
فقاعِ منفوحة َ ذي الحائرِ

دَارٌ لَهَا غَيّرَ آيَاتِها
كلُّ ملثٍّ صوبهُ زاخرِ

وَقَدْ أرَاهَا وَسْطَ أتْرَابِهَا،
في الحيّ ذي البهجة ِ والسّامرِ

كَدُمْيَة ٍ صُوّرَ مِحْرَابُهَا
بمذهبٍ في مرمرٍ مائرِ

أو بيضة ٍ في الذِّعصِ مكنونة ٍ،
أوْ دُرّة ٍ شِيفَتْ لَدى تَاجِرِ

يشفي غليلَ النّفسِ لاهٍ بها،
حَوْرَاءُ تَسْبي نَظَرَ النّاظِرِ

لَيْسَتْ بِسَوْداءَ وَلا عِنْفِصٍ،
داعرة ٍ تدنو إلى الدّاعرِ

عَبَهْرَة ُ الخَلْقِ، بُلاخِيّة ٌ،
تَشُوبُهُ بِالخُلُقِ الطّاهِرِ

عَهْدي بِهَا في الحَيّ قد سُرْبِلَتْ
هَيْفَاءَ مِثْلَ المُهْرَة ِ الضّامِرِ

قدْ نهدَ الثّديُ على صدرها
في مشرقٍ ذي صبحٍ نائرِ

لوْ أسندتْ ميتاً إلى نحرها،
عَاشَ وَلَمْ يُنْقَلْ إلى قَابِرِ

حتى يقول النّاسُ ممّا رأوا:
يا عجبا للميّتِ النّاشرِ

دعها، فقدْ أعذرتَ في حبها،
واذكرْ خنا علقمة َ الفاخرِ

عَلْقَمَ، لا لَسْتَ إلى عَامِرٍ،
النّاقضِ الأوتارَ والواترِ

وَاللاّبِسِ الخَيْلَ بخَيْلٍ، إذا
ثارَ غبارُ الكبّة ِ الثّائرِ

سدتَ بني الأحوصِ لمْ تعدهم،
وعامرٌ سادَ بني عامرِ

سَادَ وَألْفَى قَوْمَهُ سَادَة ً،
وكابراً سادوكَ عنْ كابرِ

مَا يُجْعَلُ الجُدُّ الظَّنُونُ الّذي
جنّبَ صوبَ اللّجبِ الزّاخرِ

مثلَ الفراتيّ، إذا ما طما
يَقْذِفُ بِالبُوصِيّ وَالمَاهِرِ

إنّ الّذِي فِيهِ تَدَارَيْتُمَا
بينَ للسّامعِ والآثرِ

حكّمتموني، فقضى بينكم
أبلجُ مثلُ القمرِ الباهرِ

لا يأخذُ الرّشوة َ في حكمهِ،
وَلا يُبَالي غَبَنَ الخاسِرِ

ولا يرهبُ المنكرِ منكمْ، ولا
يرجوكمُ إلاّ نقى الآصرِ

يا عجبَ الدّهرِ متى سوّياً؟
كَمْ ضَاحكٍ من ذا، وَمن سَاخِرِ

فَاقْنَ حَيَاءً أنْتَ ضَيّعْتَهُ،
مَا لكَ بَعْدَ الشّيبِ مِنْ عَاذِرِ

وَلَسْتَ بِالأكْثَرِ مِنْهُمُ حصى ً،
وَإنّمَا العِزّة ُ لِلْكَاثِرِ

وَلَسْتَ بِالأثْرَيْنِ مِنْ مَالِكٍ،
وَلا أبي بَكْرٍ ذَوِي النّاصِرِ

هُمْ هَامَة ُ الحَيّ، إذَا حُصّلُوا
مِنْ جَعْفَرٍ في السّؤدَدِ القَاهِرِ

أقُولُ لَمّا جَاءَني فَجْرُهُ
مِنْ أُمّة ِ في الزّمَنِ الغَابِرِ

عَلْقَمَ لا تَسْفَهْ وَلا تَجْعَلَنْ
عرضكَ للواردِ والصّادرِ

أُؤوِّلُ الحُكْمَ عَلى وَجْهِهِ،
ليسَ قضائي بالهوى الجائرِ

قدْ قلتُ قولاً، فقضى بينكمْ،
واعترفَ المنفورُ للنّافرِ

كمْ قدْ مضى شعري في مثلهِ
فسارَ لي منْ منطقٍ سائرِ

إنْ تَرْجِعِ الحُكْمَ إلى أهْلِهِ،
فلستَ بالمسني ولا النّائرِ

حَوْلي ذَوُو الآكَالِ مِنْ وَائِلٍ
وَلَسْتَ في الهَيْجَاءِ بِالجَاسِرِ

إنّيَ آلَيْتُ عَلى حَلْفَة ٍ،
وَلَمْ أُقِلْهُ عَثْرَة َ العَاثِرِ

لَيَأتِيَنْهُ مَنْطِقٌ سَائِرٌ،
مُسْتَوثِقٌ للمُسْمِعِ الآثِرِ

عضَّ بما أبقى المواسي لهُ
منْ أمّهِ في الزّمنِ الغابرِ

وَكُنّ قَدْ أبْقَيْنَ مِنْهَا أذى ،
عِنْدَ المَلاقي وَافيَ الشّافِرِ

لا تَحْسَبَنّي عَنْكُمُ غَافِلاً
فلستُ بالواني ولا الفاترِ

واسمعْ، فإنّي طبنٌ عالمٌ،
أقطعُ منْ شقشقة ِ الهادرِ

يُقْسِمُ بِاللهِ لَئِنْ جَاءَهُ
عنّي أذى ً منْ سامعٍ خابرِ

ليجعلنّي سبّة ً بعدها،
جدّعتَ، يا علقمُ، من ناذرِ

أجَذَعاً تُوعِدُني سَادِراً،
لَسْتَ عَلى الأعْدَاءِ بِالقَادِرِ

انْظُرْ إلى كَفٍّ وَأسْرَارِهَا،
هَلْ أنْتَ إنْ أوْعَدْتَني صَابِرِي

إني رأيت الحربَ إنْ شمرتْ،
دارتْ بكَ الحربُ معَ الدّائرِ

كَاللّيلِ مِنْ بَادٍ وَمِنْ حَاضِرِ

المطعمو اللّحمِ، إذا ما شتوا،
وَالجَاعِلُو القُوتِ عَلى اليَاسِرِ

مِنْ كُلّ كَوْمَاءَ سَحُوفٍ، إذا
جفتْ منَ اللّحمِ مدى الجازرِ

وَالشّافِعُونَ الجُوعَ عَنْ جارِهِمْ
حَتى يُرَى كَالغُصُنِ النّاضِرِ

كمْ فيهمُ منْ شبطة ٍ خيفقٍ
وَسَابِحٍ ذِي مَيْعَة ٍ ضَابِرِ

زكلَّ جوبٍ مترصٍ صنعهُ،
وصارمٍ ذي رونقٍ باترِ

وكلِّ مرنانٍ لهُ أزملٌ،
وَلَيّنٍ أكْعُبُهُ حَادِرِ

وقدْ أسلّي الهمّ حينَ اعترى ،
بِجَسْرَ ودَوْسَرَة ٍ عَاقِرِ

زَيّافَة ٍ بِالرّحْلِ خَطّارَة ٍ،
تُلْوِي بِشَرْخَي مَيْسَة ٍ قَاتِرِ

شتانَ ما يومي على كورها،
ويومُ حيانَ أخي جابرِ

في مجدلٍ شيّدَ بنيانهُ،
يزلّ عنهُ ظفرُ الطّائرِ

يجمعُ خضراءَ لها سورة ٌ
تَعْصِفُ بِالدّرِعِ وَالحَاسِرِ

باسلة ُ الوقعِ، سرابيلها
بِيضٌ إلى جَانِبِهِ الظّاهِرِ