أرحلت من سلمى بغيرِ متاع - المسيب بن عَلس

أَرَحَلتَ مِن سَلمى بِغَيرِ مَتاعِ
قَبلَ العُطاسِ وَرُعتَها بِوَداعِ

مِن غَيرِ مَقلِيَةٍ وَإِنَّ حِبالَها
لَيسَت بِأَرمامٍ وَلا أَقطاعِ

إِذ تَستَبيكَ بِأَصلَتِيٍّ ناعِمٍ
قامَت لِتَفتِنَهُ بِغَيرِ قِناعِ

وَمَهاً يَرُفُّ كَأَنَّهُ إِذ ذُقتَهُ
عانِيَّةٌ شُجَّت بِماءِ وِقاعِ

أَو صَوبُ غادِيَةٍ أَدَرَّتهُ الصَبا
بِبَزيلِ أَزهَرَ مُدمَجٍ بِسَياعِ

فَرَأَيتُ أَنَّ الحُكمَ مُجتَنِبُ الصِبا
وَصَحَوتُ بَعدَ تَشَوُّقٍ وَرُواعِ

فَتَسَلَّ حاجَتَها إِذا هِيَ أَعرَضَت
بِخَميصَةٍ سُرُحِ اليَدَينِ وِساعِ

صَكّاءَ ذِعلِبَةٍ إِذا اِستَدبَرتَها
حَرَجٍ إِذا اِستَقبَلَتها هِلواعِ

وَكَأَنَّ قِنطَرَةً بِمَوضِعِ كورِها
مَلساءَ بَينَ غَوامِضِ الأَنساعِ

وَإِذا تَعاوَرَتِ الحَصا أَخفافُها
دَوّى نَواديهِ بِظَهرِ القاعِ

وَكَأَنَّ غارِبَها رَباوَةُ مَخرَمٍ
وَتَمُدُّ ثِنيَ جَديلِها بِشِراعِ

وَإِذا أَطَفتَ بِها أَطَفتَ بِكَلكَلٍ
نَبِضِ الفَرائِصِ مُجفَرِ الأَضلاعِ

مَرِحَت يَداها لِلنَجاءِ كَأَنَّما
تَكرو بِكَفَّي لاعِبٍ في صاعِ

فِعلَ السَريعَةِ بادَرَت جُدّادَها
قَبلَ المَساءِ تَهُمُّ بِالإِسراعِ

فَلَأُهدِيَنَّ مَعَ الرِياحِ قَصيدَةً
مِنّي مُغَلغَلَةً إِلى القَعقاعِ

تَرِدُ المِياهَ فَما تَزالُ غَريبَةً
في القَومِ بَينَ تَمَثُّلٍ وَسَماعِ

وَإِذا المُلوكُ تَدافَعَت أَركانُها
أَفضَلتَ فَوقَ أَكُفِّهِم بِذِراعِ

وَإِذا تَهيجُ الريحُ مِن صُرّادِها
ثَلجاً يُنيخُ النَيبَ بِالجَعجاعِ

أَحلَلتَ بَيتَكَ بِالجَميعِ وَبَعضُهُم
مُتَفَرِّقٌ لِيَحُلَّ بِالأَوزاعِ

وَلَأَنتَ أَجوَدُ مِن خَليجٍ مُفعَمٍ
مُتَراكِمِ الآذِيِّ ذي دُفّاعِ

وَكَأَنَّ بُلقَ الخَيلِ في حافاتِهِ
يَرمي بِهِنَّ دَوالِيَ الزُرّاعِ

وَلَأَنتَ أَشجَعُ في الأَعادي كُلِّها
مِن مُخدِرٍ لَيثٍ مُعيدِ وِقاعِ

يَأتي عَلى القَومِ الكَثيرِ سِلاحُهُم
فَيَبيتُ مِنهُ القَومُ في وَعواعِ

أَنتَ الوَفِيُّ فَما تُذَمُّ وَبَعضُهُم
تودي بِذِمَّتِهِ عُقابُ مَلاعِ

وَإِذا رَماهُ الكاشِحونَ رَماهُمُ
بِمَعابِلَ مَذروبَةٍ وَقِطاعِ

وَلِذاكُمُ زَعَمَت تَميمٌ أَنَّهُ
أَهلُ السَماحَةِ وَالنَدى وَالباعِ